يفتش عن أرنب" ولم يكن مضيفاً أقلهم شأناً، وه صاحب حانة تابارد، الذي يقسم أنه لم يرفه عن جماعة كبيرة العدد كهذه، والواقع أنه عرض عليهم أن يذهب معهم وأن يكون دليلهم، واقترح لكي يقضوا الرحلة الستة والخمسين ميلاً، أن يروي كل حاج قصتين في الذهاب وأخريتين في الإياب، وأن من يروي أحسن قصة، سيتناول العشاء على حساب الجميع، عندما يعودون إلى الحانة. واتفق الكل على ذلك، واكتمل المشهد المتحرك لهذه الملهاة الإنسانية، وبدأ الحج، وروى الفارس المهذب الحكاية الأولى-كيف أن صديقين حميمين بلاجونوارسيت، رأيا فتاة تجمع الأزهار في بستان فوقع كلاهما في حبها، واختصما من أجلها في مبارزة دامية … لتكون المكافأة السنية لمن ينتصر منهما.
ومن ذا يصدق أن فلما رومنسياً كهذا، يستطيع أن يتحول في بيت واحد، من إطناب الفروسية إلى الإفحاش في قصة الطحان؟ ولكن الطحان كان يحتسي الخمر وتوقع أن عقله ولسانه قد ينفلتان في شراكهم المنصوب. ويعتذر تشوسر عنه وعن نفسه-فيجب عليه أن يسجل كل شيء بإخلاص-ويدعو القارئ المتعفف أن يتجاوزها إلى قصة أخرى "فإن هذا يخدش الحياء؟ والأخلاق والدين". وتبدأ حكاية رئيسة الراهبات بنبرة دينية حلوة، ثم تردد الأسطورة الفاجعة التي تتحدث عن غلام مسيحي، يقال أن يهودياً ذبحه، وكيف أن محافظ المدينة قام بواجبه وقبض على يهودها وعذب عدداً منهم حتى ماتوا. وينتقل تشوسر من هذا الورع الديني في الاستهلاك، إلى حكاية تاجر صكوك الغفران .. إلى سخرية لاذعة بباعة متجولين لصكوك الغفران، وأصبح عمر هذا الموضوع قرناً من الزمان، عندما أذاعه لوثر في العالم، ثم تحول في الاستهلاك إلى حكاية زوجة باث، وبلغ شاعرنا الحضيض في أخلاقياته والذروة في قوته. إنه احتجاج معربد على العذرية والعزوبة، أجرى على لسان فاجر مدرب على شئون الزواج،