للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسخر من نساء الطبقة الوسطى الدنيا في حكاية زوجة باث، ولكنه أعجب بقوتها الحيوية العارمة. وكان قاسياً غير مهذب مع المرأة، قد تكشف كلماته وانتقاداته اللاذعة عن الزوج الجريح المنتقم بقلمه عن حياء لسانه عن التعبير بالليل. وهو على الرغم من ذلك يتلطف في الحديث عن الحب، ولا يعرف نعمة أعظم منه، ويملأ معرضاً كاملاً بصور النساء الطيبات. ولا يعترف بالفضل الذي يرتكز على الوراثة، ويرى "أن الفاضل إنما هو الذي يقوم بعمل فاضل" بيد أنه لا يثق في تردد العامة، والمغفل عنده هو كل من يربط حظه بالشهرة أو يندمج مع الغوغاء.

وكان متحررا إلى حد كبير من خرافات عصره. فعرض بأدعياء اليكاويين، ومع أن الذين سردوا حكاياته ذكروا التنجيم، إلا أن تشوسر نفسه قد استنكره. وكتب إلى ابنه رسالة عن الإسطرلاب، أظهر فيها دراية حسنة بالمعارف الفلكية الشائعة. ولم يكن عالماً متبحراً، وإن كان شغوفاً بإظهار علمه، فحشا صفحاته بفقرات من "بيوشيوس" بل إنه جعل زوجة باث تستشهد "بسينكا". ويورد مشكلات في الفلسفة وعلوم الدين، ولكنه يهز كتفيه أمامها عجزاً ولعله شعر، بما يشعر به الرجل العلمي، بأن الفيلسوف الفطن لا يتوسل في حياته اليومية بمعارفه عما وراء الطبيعة.

أكان مسيحياً مؤمناً؟ لا يوجد شيء يضارع غلظته وفظاظته في هجائه للرهبان، في الاستهلال وفي تضاعيف حكاية "سومنور"، ولكم صوب نفر من المؤمنين المحافظين للإخوان مثل هذه الطعنات. وهو يثير الريب هنا وهناك، حول بعض العقائد الدينية الجامدة، ولم يكن يستطيع أن يفعل أكثر من لوثر في التوفيق بين العلم الإلهي السابق وبين إرادة الإنسان الحرة، وهو يجعل ترويلوس يشرح النظرية الجبرية، ولكنه يرفضها في الاستهلال له. وهو يؤكد اعتقاده في الجنة والنار، ولكنه يعلق على ذلك في شيء من الطول، بأنهما غايتان لا يعود منهما مسافر يشهد على صدق وجودهما.