من الأعباء الإقطاعية، وقاموا بثورات جعلت النبلاء، لا يستطيعون النيل منهم مدى نصف قرن، بل أضرب القسس أنفسهم، من اجل زيادة رواتبهم. وهجر عبيد الأرض، المزارع إلى المدن، واتسعت الصناعة، وحصلت طبقة رجال الأعمال على مغانم جديدة من الأرستقراطية التي تملك الأرض. ونالت الصحة العامة قسطاً من الإصلاح المعتدل. وأضعفت شدة الألم والمأساة عقول الكثيرين، فأدت إلى أمراض عصيبة معدية، ويبدو أن جماعات بأسرها قد جُنَّت مثل "الفلاجلان" الذين ساروا عام ١٣٤٩، كما فعلوا في القرن الثالث عشر، في طرقات المدينة عراة أو يكادون، يضربون أنفسهم في ندم، ويعظون بيوم الحساب، والمدن الفاضلة، ويدعون إلى ذبح اليهود. واستمع الناس بانتباه أكثر من المألوف إلى قراء الأفكار، ومفسري الأحلام، والعرافين، والدجالين وغيرهم من المشعوذين. وضعفت العقيدة الصحيحة وانتشرت الخرافة. وأرجع حدوث الطاعون إلى أسباب عجيبة. فنسبه بعضهم إلى اتصال في غير أوانه بين زحل والمشتري والمريخ، وآخرون إلى تسميم المجذومين أو اليهود للآبار. فقتل اليهود في حوالي خمسين مدينة، يميد من بروكسل إلى برسلو بين عامي ١٣٤٨ - ١٣٤٩، وكاد يقضي على النظام الاجتماعي، بموت آلاف من رجال الشرطة، والقضاة وموظفي الحكومة، والأساقفة والقسس. بل إن صناعة الحرب قد تعرضت للاضمحلال، وتلكأت حرب المائة عام، بين حصار كاليه ومعركة بواتييه (١٣٥٦) في هدنة متراخية، بينما عوض النقص الهائل في صفوف المشاة، برجال بلغ منهم الفقر مبلغاً، جعلهم يرون الحياة تفضل الموت ببضعة شلنات!
وتأسى فيليب السادس، عن الطاعون والهزيمة، بالزواج، وهو في السادسة والخمسين، من بلانش أميرة نافار، البالغة من العمر ثماني عشرة سنة، وهي التي كان ينوي خطبتها لابنه. وتوفي بعد ذلك بسبعة