في مفاوضات من أجل صلح أخف وطأة. فاستقبله إدوارد على أنه ضيف لا أسير، وكرمه كل يوم على أنه زهرة من زهريات الفروسية. ومات جون في لندن عام ١٣٦٤، ودفن في كنيسة سانت بول، أسيراً في موته. وأصبح ولي العهد البالغ ستة وعشرين سنة ملكاً على فرنسا باسم شارل الخامس.
واستحق لقب "الحكيم"، الذي أسبغه شعبه عليه، لهذا السبب وحده، وهو أنه عرف كيف ينتصر في معارك، دون أن يحرك يداً. فلقد كانت يده اليمنى، متضخمة دائماً، وذراعه مترهلة، ولم يكن يستطيع أن يرفع حربة، وقيل أن شارل السيء دس له السم. وإذا كان قد فرض عليه أن يعيش مقيداً، فقد أحاط نفسه بمستشارين حكماء. فأعاد تنظيم كل إدارة، وأصلح الجهاز القضائي، وأعاد تكوين الجيش، وشجع الصناعة، وثبت سعر العملة، وأيد الأدب والفن، وجمع في اللوفر المكتبة الملكية، التي زودت النهضة الفرنسية باللصوص القديمة والترجمات، وكانت نواة المكتبة القومية. وسلم للنبلاء الحق في استعادة المكوس الإقطاعية، ولكنه تخطاهم وعين-قائداً عاماً للجيوش الفرنسية-رجلاً بريتانياً اسمه برتراند دي جويسكلين. وهو رجل أسمر، أفطس الأنف، غليظ العنق، ضخم الرأس. ولقد ساعد الاعتقاد، في تفوق هذا "النسر البريتاني" على جميع القادة الإنجليز، على تصميم الملك، استرداد فرنسا من الحكم الإنجليزي. فأرسل عام ١٣٦٩، إلى إدوارد الثالث إعلاناً رسمياً بالحرب.
وكان رد الأمير الأسود، أن ×ضع ليموج، وأعمل السيف في ثلاثة آلاف بين رجل وامرأة وطفل، وهذا هو مذهبه في التربية السياسية. وثبت أنه لم يكن موفقاً فقد تحصنت كل مدينة في طريقه، وتزودت بالجند، واختزنت المؤن للمقاومة الناجحة، واضطر الأمير إلى أن يقنع، بتخريب الريف، وإحراق المحاصيل، واقتلاع منازل الفلاحين الخاوية،