مارسيل من المقاومة بجميع الوسائل، فأهدى التاج إلى شارل السيء، ومهد لرجاله دخول المدينة وأنكر جان مايلادن، صديق مارسيل ويده اليمنى، هذا الصنيع وعده خيانة، فعقد اتفاقاً سرياً مع ولي العهد، وفي الواحد والثلاثين من شهر يولية قتا جان وآخرون مارسيل بضربة فأس. فدخل ولي العهد باريس على رأس النبلاء المسلحين. وكان معقولاً حذراً في تصرفه وعكف على افتداء أبيه، واستعادة الروح المعنوية، والحياة الاقتصادية لفرنسا، وانسحب الرجال الذين حاولوا أن يخلقوا سيادة برلمانية، في صمت وغموض. والتف النبلاء المعترفون بالجميل حول العرش، وأصبح مجلس الطبقات أداة طيعة في يد ملكية زادت شوكتها.
وفي نوفمبر عام ١٣٥٩ نزل إدوارد الثالث إلى البر بجيش جديد في كاليه. وتنكب باريس، مقدراً الأسوار الجديدة التي شيدها مارسيل، ولكنه أخضع الريف المحيط بها من ريمز إلى شارترز بإبادة المحاصيل، حتى اجتاحت المجاعة باريس مرة أخرى. وطلب شارل الصلح بشروط مهينة. فعلى فرنسا أن تسلم جاسكونيا وجوين إلى إنجلترا بريئة من كل التزام إقطاعي عليها لملك فرنسا، وأن تتنازل أيضاً عن بواتو وبريجوري وكويرسي وسانتونج ورورج وكاليه وبونثيو وأونيس وإنجوموا وأجنوا وليموزين وبيجور وأن تدفع، ثلاثة مليون كراون، ليعود مليكها. وفي مقابل ذلك يتنازل إدوارد، وجميع أعقابه، عن كل ادعاء، في عرش فرنسا، ووقعت معاهدة بريتاني هذه في الثامن من مايو عام ١٣٦٠، وهكذا ابتلي ثلث فرنسا بالحكم البريطاني، واستشاط منه غضباً. وأرسل اثنان من أبناء الملك جون وهما-دوق انجو ودوق بري-إلى إنجلترا، رهينتين على إخلاص فرنسا للمعاهدة. وعاد جون إلى باريس، وسط قرع الأجراس، وابتهاج النبلاء والدهماء. ولما خرج الدوق انجو على كلمة الشرف، وفر للحاق بزوجته، عاد الملك جون إلى إنجلترا بنفسه، ليكون رهينة في مكان ابنه، مناشداً الدخول