إليه زعماء الثورة، وأعد مارسيل العاصمة للدفاع، وأحاطها بأسوار جديدة، واحتل اللوفر، وكان وقتذاك مقر الملك ورمزه.
وفي الوقت الذي احتلت فيه الثورة مدينة باريس، رأى الفلاحون في الريف، أن الفرصة مواتية، للثأر من سادتهم. وكان معظمهم عبيد أرض، تفرض عليهم الضرائب لينعم سادتهم بأسباب الترف ولدفع الفدية عنهم، وينتهبهم الجند وقطاع الطريق، ويعذبون ليشفوا عن مدخراتهم. ولما أهلك الطاعون عدداً عظيماً منهم، وعرضتهم الحروب للمجاعة، ثاروا في عنف لا حد له، وشقوا طريقهم في قلاع الإقطاع، ودقوا أعناق النبلاء التي وصلت إليهم خناجرهم، ووجدوا الخلاص من جوعهم وظمئهم في مخازنهم وأقبيتهم. وكان النبلاء يطلقون على مثال الفلاح الطيب اللقب التقليدي " جاك المغفل"، ونفذ صبر آلاف من هؤلاء، فاندفعوا في أعمال وحشية، وذبحوا سادتهم، واغتصبوا السيدات، وقتلوا الذراري، وألبسوا زوجاتهم حلي اللائى توفين.
وأرسل مارسيل ثمانمائة من رجاله لمعاونة الفلاحين أملاً أن تصرف هذه الثورة الريفية ولي العهد عن مهاجمة باريس. واشتد ساعدهم، وساروا إلى ميوكس التي التجأ إليها أميرات أورليان ونورمانديا، وكثيرات من سيدات الطبقات الراقية، فشاهدن حشداً من عبيد الأرض والمستأجرين يتدفق على المدينة، واستسلمن، معتقدات أنهن فقدن الشرف والحياة. وإذا بفرقة من الفرسان كأنها معجزة من بعض أساطير أرثر، تدخل ميوكس عائدة من الحروب الصليبية وتباغت الفلاحين، وتحصد آلافاً منهم، وتلقي بهم أكواماً في الجداول المجاورة فخرج النبلاء من مخابئهم، وفرضوا الغرامات على القرى عقاباً لها. وساروا في أنحاء الريف، وأعملوا القتل في عشرين ألف فلاح، ولم يفرقوا بين ثائر وبريء (يونيه ١٣٥٨).
واقتربت قوات ولي العهد من باريس، وقطعت عنها المؤن، ويئس