عام ١٤٢٤، تبدو الشياطين وهي تدور حول نفسها مع الرجال والنساء والأطفال المسوقين في خطوات مرحة متعاقبة إلى الجحيم. وأصبحت هذه الصورة مضموناً رمزياً لعصر يائس، ومثلته إحدى المسرحيات في بروجس عام١٤٤٩، وصوره ديرل، وهلبين، وبوش في آثارهم الفنية. وغلب التشاؤم على نصف شعر هذا العصر. وهجا ديشان الحياة في كل جوانبها تقريباً، وبدت الدنيا له، كشيخ واهن جشع، مضطرب منحل ولقد ختم كلامه بقولهِ "إن كل شيء سيئ السيرة". ووافقه جرسن قائلاً:"إننا نعيش في شيخوخة الدنيا"، وإن يوم القيامة لقريب. واعتقدت امرأة عجوز، أن كل وخزة ألم في أصابع قدميها، تعلن ذهاب إحدى الأرواح إلى الجحيم، وكان تقديرها معتدلاً، فإن الاعتقاد الشائع وقتذاك أنه لم يدخل الجنة أحد من الناس في الثلاثين سنة الماضية.
وماذا عسى أن يصنع الدين، في تصدع أمة مغلوبة على أمرها؟ لقد كان الباباوات الحبيسون في افنيون يتلقون حماية الملوك الفرنسيين، وأوامرهم في السنوات الأربعين الأول من حرب المائة عام، وكانت معظم الموارد، التي يجمعها ألئك الباباوات من أوربا، تذهب إلى هؤلاء الملوك، تمويلاً لحرب الحياة أو الموت مع بريطانيا، واستطاعت الكنيسة أن تجمع للملكية في إحدى عشر سنة (١٣٤٥ - ١٣٥٥) مبلغ ٣. ٣٩٢. ٠٠٠ فلورن (٨٤. ٨٠٠. ٠٠٠ دولار؟) وحاول الباباوات مراراً أن يضعوا حداً للحرب ولكنهم فشلوا. وعانت الكنيسة مشقة مضنية، من جراء الخراب الطويل الذي منيت به فرنسا قرناً من الزمان، فأفقرت مئات الكنائس والأديرة أو خربت، وشاركت الطبقة الدنيا من رجال الدين فيما اتسم به العصر من انحلال الأخلاق. وتجاهل الفرسان والمشاة الدين لا يذكرونه إلا عند المعركة أو الوفاء، ولا بد أنهم ارتابوا، في العقيدة بسبب عدم اكتراث السماء، الذي يدعو إلى الجنون، واعتصم الناس في عصيانهم أوامر الدين