بالكنيسة والعقيدة مفزعين، وجملوا أمولهم وهمومهم إلى مزارات العذراء تسكيناً لروعهم، وكانوا يصابون في القداس، بوجد ديني، عندما يستمعون إلى العظات المخلصة للراهب رتشارد أو القديس فنسانت فرر. وابتدعت في بعض البيوت، تماثيل صغيرة تفتح بطونها بلمسة من اليد، فينكشف الثالوث.
وكان معظم قادة الفكر للكنيسة، في هذا العصر، من الفرنسيين. ولم يكن بيير دايلي واحداً من العلماء، أصحاب الرأي فحسب، وإنما كان من أقدر زعماء الكنيسة وأبعدهم عن الفساد، وأحد السياسيين من الرجال، الاكليروس، الذين عالجوا في مجمع كنستانس، الفرقة في البابوية. وكان بين تلاميذه، وهو مدير كلية نافار في باريس، شاب، أصبح فيما بعد، أعلم علماء الدين في جيله. وزار جان دي جرسون الأراضي الواطئة، فأعجب كثيراً من تصوف ريوزبرويك، والورع الجديد عند "أخوة الحياة العادية". فلما أصبح مديراً لجامعة باريس (١٣٩٥)، فكر في إدخال هذا النوع من التقوى إلى فرنسا على الرغم من نقده أنانية المذهب الصوفي وما فيه من القول بوحدة الوجود واقتنع أخواته الست بقدوته وحججه، ولقد أنبئنا أنهن ظللن عذارى إلى نهاية حياتهن. وذم جوسر، خرافات الدهماء، ودجل التنجيم والسحر والطب، ولكنه اعترف بأن الرقي، ربما يكون لها تأثير بالتسلط على المخيلة (٧٤). ورأى أن معرفتنا بالنجوم، ممعنة في النقص، حنى إننا لا نستطيع، أن نتصور تنبؤات محددة، بل إننا لا نستطيع أن نعين بالضبط مدى سنة شمسية، ولا يمكننا أن نخبر عن الموضع الحقيقي للنجوم، لأن أضواءها تتكسر، في سيرها إلينا، عبر أوساط متعددة. ودعا جوسون إلى ديمقراطية مقيدة، وإلى سيادة المجامع، في الكنيسة، بيد أنه حبذ ملكية قوية في فرنسا، ولعل الأحوال السائدة في بلاده تبرر تناقضه، وهي التي كانت أحوج إلى النظام منها إلى الحرية.