إلى الشمال، ليجعل من فرنسا مستعمرة إنجليزية. وأخذ الشمال والجنوب معاً يرقبان الحصار، ويصليان من أجل حدوث معجزة.
وأخذت دمريمي القرية البعيدة، الهاجعة إلى جوار الموز على حدود فرنسا الشرقية تراقب الصراع بعاطفة دينية وطنية. وكان الفلاحون هناك من أبناء القرون الوسطى في إيمانهم وشعورهم، في العقيدة والشعور، يعيشون من الطبيعة، ولكن فيما هو فوق الطبيعي، وكانوا واثقين من أن الأرواح تعيش في الهواء المحيط بهم، وأقسم كثير من النساء، أنهن رأينها وتحدثن معها-واعتقد الرجال مثلما اعتقد النساء، وهو ما كان سائداً في أنحاء الريف الفرنسي، أن الإنجليز شياطين، تخفي أذنابها، في أذيال معاطفها وراجت نبوءة في القرية، وهي أن الله سيرسل في يوم من الأيام، فتاة عذراء، تنقذ فرنسا من هؤلاء الشياطين، وتضع حداّ لحكم الحرب الشيطانية. وهمست زوجة عمدة دمريمي، بهذه الآمال إلى جان ابنتها في العماد.
وكان أبوا جان واسمه جاك دارك، فلاحاً ناجحاً، ولعله لم يلق بالاً، إلى مثل هذه الحكايات. وقد عرفت جان التقوى، بين هؤلاء القوم الأتقياء، وأغرمت بالذهاب إلى الكنيسة، وكانت تعترف بانتظام وحرارة وشغلت نفسها بجمع الصدقات للكنيسة وألفت الدواجن والطيور، في حديقتها الصغيرة، أن تأكل من يدها. واتفق لها في أحد الأيام، أن تخيلت، وهي صائمة، أنها رأت، نوراً عجيباً فوق رأسها، وأنها سمعت صوتاً يهتف بها "ياجان كوني طفلة طيبة مطيعة. واذهبي دائماً إلى الكنيسة". وكانت وقتذاك (١٤٢٤) في الثالثة عشرة من عمرها، وربما أسبغت عليها التغيرات في وظائف أعضائها، مسحة صوفية في هذه المرحلة الممعنة في الانفعال من مراحل حياتها. وتحدثت "هواتفها"- كما نعتت هذه الرؤى- بأحاديث كثيرة طوال السنوات الخمس بعد ذلك، حتى خيل إليها آخر الأمر، أن