الملك ميكائيل نفسه يأمرها:"اذهبي لإغاثة ملك فرنسا، ولسوف تستعيدين ملكه .. اذهبي إلى السيد بودريكورت، القائد في فوكولور، وسيقودك إلى الملك". وقال الهاتف في مرة أخرى:"يا ابنة الله، ستقودين الدوفان إلى ريمز، حتى يستطيع هناك أن يحصل على رسامته وتتويجه" ذلك لأن فرنسا كانت تشك في حق شارل الإلهي في الحكم، فلم يحصل على رسامته من الكنيسة، ولكن إذا صب الزيت المقدس على رأسه، فإن فرنسا تقف من ورائه صفاً واحداً وفي ذلك إنقاذها.
وبعد تردد طويل مزعج أطلعت أبويها على رؤياها. فذهل أبوها عندما فكر في فتاة بريئة تضطلع بمثل هذه الرسالة الخيالية، قال إنه لن يسمح لها بذلك وتوعدها بأن يغرقها بيديه. وأراد أن يمعن في تقييدها فأقنع، شاباً قروياً، أن يصرح بأنها وعدته بأن تمنحه يدها بالزواج، فأنكرت قوله، وفرت بعذريتها التي نذرتها لقدسيتها، ولكي تطيع أوامرهم، إلى عم لها، وألحت عليه، أن يأخذها إلى فوكلير عام (١٤٢٩). وهناك نصح قائد بودريكور، عمها، أن يصفع الفتاة، البالغة من العمر سبع عشرة سنة، وأن يعيدها إلى والديها، ولكن جان لما شقت طريقها، ومثلت أمامه، وصرحت بجنان ثابت، أنها مبعوثة من الله لمساعدة الملك شارل على إنقاذ أورليان، ذاب القائد المتعاظم، فأرسل إلى شينون، وهو يفكر في أن في الفتاة مساً من الشياطين، يطلب إذن الملك بلقائها. وجاء الإذن الملكي، وأعطى بودريكور الفتاة سيفاً، وابتاع لها أهل فوكولير، جواداً، ووافق ستة من الجنود أن يدلوها على الطريق، في الرحلة الطولة المحفوفة بالمخاطر، عبر فرنسا إلى شينون. وتسربلت بزي الرجال العسكري-، سترة وصدار وجوربين طويلين وطماق ومهمازين-وقصت شعرها كالفتيان- ولعلها فعلت ذلك منعاً لتقحم الرجال، وتيسيراً لركوب الجواد اكتساباً لموافقة القواد والجند. وعبرت في رصانة وثقة مدنا، اختلفت في النظر إليها بين الخوف منها باعتبارها ساحرة، أو إجلالها باعتبارها قديسة.