التدليس في نوع الصادرات ومقدارها يقضي على تجارة إنجلترا الخارجية، في فترة من الفترات. واستغلت التجارة في البحار القرصنة، وكانت الرشوة عامة أو تكاد: وقلما يحكم القضاة دون أن يحصلوا على "هدايا"، وكان جباة الضرائب يرشون، تيسيراً للتخلص منها، ويطلب إلى الضباط المجندين مثل فولستاف الذي صوره شكسبير، أن يتغاضوا عن مدينة من المدن، فقد استطاع الأعداء، أن يشتروا جيشاً إنجليزياً، كان يغزو فرنسا، واشتد جشع الناس للمال وقتذاك إلى حد الجنون كما هو الآن، وأنكر شعراء مثل تشوسر الجشع في شعرهم، ولنهم مارسوه في واقع حياتهم وكان من الممكن أن يتقوض الكيان الأخلاقي للأمة، لولا أن أسسه قد دعمتها حياة البساطة التي اتسم بها الرجل والمرأة في الطبقة العامة، ففي الوقت الذي كان فيه من هم أفضل منهم، يدبرون الحروب والشرور لذلك العصر، احتفظ هؤلاء العامة بالحياة المنزلية وحافظوا على الجنس.
وعاشت جميع الطبقات، ما عدا التجار والعمال، في الريف أطول مدة يستطيعونها كل سنة. وتحولت القلاع التي لم تعد حصينة، بعد انتشار المدفع، ببطء إلى منازل كبيرة. وحل الآجر محل الحجر، ولكن البيوت المتواضعة، كانت لا تزال تقام من الخشب والطين. وفقدت الردهة الوسطى، مساحتها وفخامتها القديمتين وهي التي كانت تستعمل في يوم من الأيام لجميع الأغراض، وتقلصت إلى دهليز يؤدي إلى غرفة معيشة كبيرة، وغرف صغيرة، وقاعة استقبال للحديث الخاص. وضعت السجاجيد على جدران بيوت الأغنياء، وأضاءت النوافذ، وهي من زجاج ملون في بعض الأحيان المدخل الذي كان مظلماً من قبل. أما دخان المواقد الذي كان يترسب قبلاً من النافذة والباب والسقف، فقد جمع في مدخنة، ومدفأة ضخمة تزين غرفة المعيشة. وقد تعلقت السقوف بالخشب والأرضيات بالبلاط، في حين ظلت السجاجيد قليلة نادرة. إذا نحن صدقنا أقوال إراسموس التي يغلب فيها الجانب الأدبي على الدقة في التصوير.