"كانت جميع الأرضيات تقريباً من الصلصال، مفروشة بحصير من حلفاء المستنقعات، وقليلاً ما تجدد حتى إن الأسس تظل عشرين سنة، تردد أسافلها بالبصاق والقيء من الناس والكلاب والنبيذ والجعة، وبقايا السمك وغيرها من القاذورات التي لا تسمى، ويتصاعد منها، بتغير الفصول، بخار غير صحي في رأيي".
وكانت المخادع فخمة مزينة بالنقوش المحفورة، ومزودة بالأغطية عليها رسوم أزهار وتعلوها كُنَّة. كما كانت مائدة الطعام، في المنازل المريحة، فنية ضخمة رائعة، بنقوشها البارزة من خشب الجوز أو البلوط ويقوم بالقرب منها، أوفي القاعة بصفة عامة، صوان للأواني أو الفضيات والتحف حيث ترتب للعرض أو الزينة. ونظمت ردهة الجلوس التي أعدت في الأصل للحديث، لتناول الطعام.
وكانوا يتناولون وجبات الطعام الرئيسية نهاراً، وذلك للاقتصاد في زيت الإضاءة و"الغداء" في الساعة العاشرة صباحاً، والعشاء في الخامسة مساءً. وحرص الرجال على ارتداء قبعاتهم عند الجلوس إلى المائدة، ليمنعوا شعورهم الطويلة، من مخالصة الطعام. واحتفظ بالشوك لأغراض خاصة مثل تناول الكامخ أو تجمير الجبن، وظهر استعمال الإنجليز لها على النمط الحديث، أول مرة عام ١٤٦٣، أما السكين، فقد كان الضيف هو الذي يأتي بها معه، يحملها في جراب، معلق بمنطقته، ويتطلب آداب السلوك إذ ذاك أن يصل الطعام إلى الفم، بواسطة الأصابع. ولم تكن المناديل مستعملة، حتى منتصف القرن السادس عشر، فقد كان على الرجال أن يتمخطوا باليد التي تمسك السكين بدلاً من تلك التي تنقل الطعام إلى الفم. وكانت الفوط غير معروفة، ويحذر الطاعمون بألا ينظفوا أسنانهم بغطاء المائدة، وكانت الوجبات دسمة، ذلك أن الغذاء العادي لواحد من أصحاب الوجاهة، كان يتألف من خمسة عشر أو عشرين صحناً. واحتفظ اللوردات