للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لوحات حائطية، كيف أن السيدة الورعة، خطيبة الأمير كونون، أجلت زواجها حتى تجمع إلى روما، وكيف أبحرت، مع أحد عشر ألف عذراء، في نهر الرين إلى بازل، وقادتهن في رحلة فوق جبال الألب، واعتصمت ببركات البابا وكيف أن هؤلاء الـ ١١. ٠٠١ وقد استشهد على يد الهون في كلونيا. وبعد ذلك يتسع سنوات (١٤٨٨)، قص كارياكشيو في صورة، هذه القصة الرائعة المستحيلة في آن واحد، برسم ادق، وألوان أزهى، وذلك لمدرسة القديس أرسولا في البندقية.

وليس من الإنصاف لمملنج ولا لأي مصور آخر، أن ننظر إلى صوره، نظرة كلية، فكل واحدة منها لزمان ومكان معينين ومنهما تحمل خصيصته الغنائية. ونحن إذا نظرنا إليها نظرة عريضة فسنجد لتونا حدوده-ضيقة في الأفق والأسلوب ورتابة شخوصه، حتى رسومه المتواضعة للعذراء بما فيها من شعر ذهبي مرسل، والسطح محبب أو صادق، ويضئ بألوان ناعمة لامعة، ولكن الريشة قلما تنفذ إلى أعماق النفس تحت هذا السطح، إلى سر العزلة، والدهشة، والطموح والهموم. وصور النساء عند مملنج لا حياة فيهن، وكلما جردهن عن ثيابهن، فإننا نصاب بالحزن، عندما نجد أن كل واحدة منهن عبارة عن معدة كبيرة وصدر رقيق. وربما كان الطابع الغالب في تلك الشؤون مختلفاً عما هو عليه الآن، بل أن رغباتنا قد تلقنا المبادئ. ومع ذلك فيجب أن نعترف أن مملنج عندما مات (١٤٩٥)، كان زعيم مصوري شمالي جبال الألب بإجماع أوليائه ومنافسيه. فإن أحسن فنانون آخرون بأخطائه أكثر من إحساسهم بأخطائهم. فإنهم لا يستطيعون أن يبلغوا مبلغه في رقة الأسلوب وصفاء إحساسه وروعة تلوينه. ولقد ظل تأثيره عظيماً قرناً كاملاً على المدرسة الفلمنكية.

وواصل جيرار ديفيد مذهبه. فلقد جاء إلى بروجس من هولندة حوالي عام ١٤٨٣، وفتنته رقة مملنج الغنائية، وصوره عن العذراء تكاد تماثل