أحد ثمرات عشق فيليب الطيب، وصحب جان الدوق إلى إيطاليا، وعاد بشيء من الصقل أضيف إلى ريشته، وشوق إلى تصوير العاريات والأساطير الوثنية، ونحن نجد في صورته "آدم وحواء" أنه جعل الجسم العاري جذاباً لأول مرة في الفن الفلمنكي. وفي صوريته مريم والطفل والملائكة والقديس لوقا يرسم العذراء، أصداء لما في إيطاليا من أطفال سمان ومهاد معمارية تتسم بطابع عصر النهضة، قد يرجع الفصل إلى إيطاليا، فيما نراه في صورة "العذاب في الحديقة" من العرض الرائق لضوء القمر. ولكن قوة "جوساير" تركزت في فن تصوير الأشخاص. ولم يصدر فلمنكي، منذ جان فان إيك، هذه الدراسة للشخصية التي نجدها في صورة " جان كاروندليه" في متحف اللوفر، ففيها يركز الفنان على الوجه واليدين، ويكشف عن الغنى الموروث، ويميط اللثام عن الإداري الذي لا يتزعزع، المهوم بأعباء السلطة، وعلى يد ماسيس انتهى الرعيل الأول في التصوير الفلمنكي وهو الذي بلغ حد الكمال في الصور التي أبدعتها مدرسة "فان إيك". وقبس جوساير من إيطاليا، تلك التجديدات الحرفية، والأناقة في الزخرف، والرشاقة في الحطوط، والحذق في إظهار الجلي والقاتم على السواء، وتصوير الأشخاص، وهي السمات التي نجدها في القرن السادس عشر (إذا استثنينا بروجل) تحول التصوير الفلمنكي، عن براعته وعبقريته في حدود وطنه وتتركه ثلابتاُ في تفوقه، حتى بلغ أوجه على يد روبنز وفان ديك.
ولم ينجب شارل الجسور ابناً، ولكن ابنته ماري كانت مخطوبة إلى مكسيمليان صاحب النمسا، وأملاً أن يحمي آل هبسبرج برجنديا من فرنسا. ومع ذلك عندما ضم لويس الحادي عشر الدوقية فرت ماري إلى جنت حيث دفعت الثمن لتكون الملكة الدستورية بموافقة فلاندرز وبرابانت وهانو وهولندة، وهو توقيعها على "قرار امتياز جروت"(فبراير ١٤٨٨)، الذي ناشدها أن لا تتزوج، وألا تفرض ضريبة أو تعلن حرباً، إلا بموافقة