بأنهم يرون فيها تأثيراً إيطالياً جديداً. وتراخت القبضة الكهنوتية عن الصور الجدارية التي حلت محل الفسيفساء، باهظة النفقة في زخرف الكنائس والقصور وظهرت رسوم من الخيال الرحب والقصص الدنيوي إلى جانب قصص القديسين. ومع ذلك تشبث صناع الأيقونات بالطراز الموروث القديم، أشكال ضامرة ووجوه يحرقها ورع طهري غائبة بصورة أخاذة عن أخلاقيات العصر. وتعرض حينذاك تصوير المنمنمات البيزنطي لانحلال كبير، بيد أن نسج الرسوم التصويرية بالحرير ظل ينتج روائع لا تنافس في العالم الغربي ويعود تاريخ ما يسمى ((زنار شارلمان)) إلى القرن الرابع عشر، أو الخامس عشر، ولقد نسج صانع بارع على قاعدة من الحرير المصبوغ بالزرقة صممها فنان، بخيوط من الفضة والذهب، مشاهد من حياة مريم والمسيح وقديسين مختلفين. وتحققت آثار رائعة مماثلة في التصوير على النسيج في ذلك العصر في سالونيك والصرب وملدافيا وروسيا.
وعادت اليونان مرة أخرى مركزاً للفن العظيم. وما كاد القرن الثالث عشر يشرف على نهايته حتى كان الفرنجة الذين نثروا على الأماكن الكلاسية القلاع البهيجة قد أخلوا السبيل للقوة البيزنطية، وفي عام ١٣٤٨ أرسل الإمبراطور جون السادس ابنه عمانويل ليكون حاكماً على المورة، فأقام مقرة المحلي على تل مشرف على إسبرطة القديمة. فوفد على العاصمة الجديدة نبلاء وأعيان ورهبان وفنانون وعلماء وفلاسفة وبنيت أديرة فخمة، واحتفظت ثلاثة منها في كنائسها، ببعض صورها الجدارية التي ترجع إلى القرون الوسطى: ديرا متروبوليس وبريليبتوس من القرن الرابع عشر وبانتاتسا من أوائل القرن الخامس عشر، وهذه هي أحسن الجداريات في التاريخ البيزنطي الطويل، وهي تضارع خير ما أنتجته إيطاليا في العصر نفسه من الصور الجدارية بدقة رسمها ورشاقة صورها الفياضة وعمق وإشراق ألوانها، والحق، أنها تدين