ولقد اشترى بعض الأباطرة هلاكهم بأنفسهم. ففي عام ١٣٤٢ تورط جون السادس كانتاكوزين في حرب أهلية وطلب العون من أورخان سلطان آل عثمان فأرسل إليه أورخان السفن وساعده في الاستيلاء على سالونيك، فما كان من الإمبراطور المعترف بالجميل إلا أن أرسل إليه ابنته تيودورا لتكون زوجة ثانية له، وبعث إليه السلطان بفرق جديدة تتألف من ستة آلاف جندي. وأخذ جون باليولوج على عاتقه أن يخلعه - فما كان من جون كانتاكوزين إلا أن نهب الكنائس القسطنطينية ليدفع إلى أورخان ثمن عشرين ألف جندي تركي آخرين ووعد السلطان بحصن في شيرزونيس بتراقيا، وفي لحطة انتصاره الظاهري انقلب الشعب عليه وعده خائناً، وحولته الثورة في ليلة واحدة من إمبراطور إلى مؤرخ - (١٣٥٥) فاعتزل في دير، وكتب تاريخ عصره كمحاولة أخيرة لإرباك أعدائه.
ولم يجد جون الخامس باليولوج العرش ذلولاً، فذهب إلى روما مستشفعاً (١٣٦٩)، ووعد، في مقابل ما يقدم له من عون ضد الأتراك أن يدخل شعبه في طاعة البابوية، وأنكر الكنيسة اليونانية الأورثوذكسية أمام المذبح الكبير للقديس بطرس. ووعد البابا إربان الخامس بأن يمد له يد العون ضد الكفار، وأعطاه رسائل إلى أمراء العالم المسيحي، ولكن هؤلاء الأمراء كانوا منصرفين إلى شؤون أخرى. وبدلاً من أن تقدم له البندقية المساعدة المنشودة اعتبرته رهينة في مقابل الديون اليونانية. وأحضر ابنه عمانويل المال المطلوب، وعاد جون إلى القسطنطينية أفقر مما رحل عنها، وأنكره شعبه لأنه حنث بعهده للمذهب الأرثوذكسي. وفشل في محاولة ثانية للحصول على المدد من الغرب، فاعترف بالسلطان مراد الأول مولى عليه، ووافق على أن يمد الجيش العثماني بالمدد العسكري، وقدم ابنه الحبيب عمانويل ليكون رهينة على الوفاء بتعهده وهدأت ثائرة مراد فترة ما وتنكب بيزنطة، وتحول لإخضاع أمارات البلقان.