للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهي عاصمتها، ولعب ملوكها أدوارهم أمام أكبر عدد من النظارة وفي سبيل أعظم المخاطر في أسبانيا.

وأصلح ألفونسو الحادي عشر (١٣١٢ - ٥٠) قوانين قشتالة ومحاكمها وحول منافسات النبلاء إلى حروب تشن على المسلمين، وشجع الأدب والفن، وكافأ نفسه بخليلة نجيبة. ولقد حملت له زوجته ابناً شرعياً واحداً، نشأ في ظروف غامضة وإهمال وحقد وأصبح فيما بعد بدرو الغشوم ومن الواضح أن اعتلاءه على العرش ولما يناهز الخامسة عشرة (١٣٥٠) جلب اليأس لأبناء الفونسو التسعة غير الشرعيين، فقد أقصوا جميعاً عن البلاد، وأعدمت أمهم ليونورا ده جزمان، ولما جاءت عروسه الملكية بلانش البوربونية من فرنسا من تلقاء نفسها، تزوجها وأنفق ليلتين معها ثم أمر أن يدس لها السم متهماً إياها بالتآمر (١٣٦١) وتزوج عشيقته ماريا ده باديلا، التي تؤكد الأسطورة أن جمالها بلغ من الخلابة حداً، جعل فرسان البلاط يشربون بنشوة ماء اغتسالها. وكان بدرو محبوباً في الطبقات الدنيا التي أيدته إلى النهاية المريرة، ولكن المحاولات المتكررة من اخوته غير الأشقاء لإقصائه عن العرش، قد دفعته إلى مجموعة من الدسائس والقتل وانتهاك الحرمات، تقف في وجه كل حكاية وتلطخها بالدم. واستطاع هنري التراستاماري، أكبر أبناء ليونورا أن ينظم ثورة موفقة ويقتل بدرو بيديه ويصبح هنري الثاني ملك قشتالة (١٣٦٩).

ولكننا نظلم الأمم إذا حكمنا عليها من ملوكها، لأنهم اتفقوا مع مكيافلي في أن الأخلاق لم تجعل للملوك. وبينا نجد الحكام يتلهون بالقتل الفردي أو المتخذ صفة القومية، فإن الشعب الذي بلغ عدده ملايين عام ١٤٥٠، هو الذي أنشأ حضارة أسبانيا، ومع أنهم كانوا يعتزون بنقاء أرومتهم إلا أنهم كانوا مزيجاً غير ثابت من الكلت والفينيقيين والقرطاجنيين والرومان والقوط الغربيين والوندال والعرب والبربر واليهود، وعند سفح الكيان