الاضطراب الذي لا يعرف قانوناً إلى سلم يعتصم بالقانون ووضعها المعاصرون الأجانب أمثال باولو وجيوفيو وجويشياردين والفارس بايار، بين أقدر ملوك العصر، وشبهوها بالبطلات العظيمات في التاريخ القديم. وقدسها رعاياها، بينما احتملوا بصبر نافذ.
ولم يستطع أهل قشتالة أن يغتفروا لفرديناند أنه دخيل عليهم - أي أرجوني ورأوا فيه نقائض كثيرة حتى وهم يمجدون انتصاراته باعتباره رجل دولة وسياسيا ومحارباً ووازنوا بين مزاجه الفاتر المتحفظ وبين حرارة الملكة في عطفه، وبين انطوائه الحذر وبين صراحتها المستقيمة، بين تقتيره وكرمها، بين كزازته في معاملة معاونيه وبين انبساط يدها بالمكافأة على ما يقدم لها من خدمات، بين صبواته وبين قناعتها الهادئة، ولم ينكروا عليه إنشاءه لمحاكم التفتيش ولا استغلاله لعواطفهم الدينية كسلاح من أسلحة الحرب، فقد استحسنوا حملته على الهرطقة وفتحه غرناطة وطرده اليهود والمسلمين الذين لم ينتصروا، وكان أكثر ما يحبون فيه أقل ما يعجب الخلف. فلم نسمع احتجاجاً على صرامة قوانينه - قطع اللسان على السب والإحراق حياً على اللواط ولاحظوا أنه يجنح إلى العدالة بل إلى التساهل، إذا لم يمنع ذلك امتيازاً شخصياً أو يعطل سياسة قومية وأنه يستطيع أن يقود جيشه بشجاعة وبراعة، إن آثر مساجلة العقول بالمفاوضة أكثر من منازلة الإنسان في الحرب وأن بخله لم يكن للإنفاق على أسباب الترف الشخصي ولا بد أنهم تثبتوا من عاداته التي تؤثر الاعتدال ورباطة جأشه في الملمات، واتزانه عند النجاح، واختيار الرشيد لمعاونيه، وجهده المبذول بلا كلل على شئون الحكومة وشعبه وراء أهداف بعيدة بكياسة مملة ووسائل حذرة. واغتفروا له الظهور بوجهين باعتباره سياسيا وكثرة حنثه بوعده، ألم يحاول جميع الحكام غيره بوسائل مماثلة أن يدعوا قرابتهم له ويحتالوا على إسبانيا؟ ولقد قال متجهما "إن ملك فرنسا يشكو أنني خدعته مرتين. إنه يكذب، ذلك الغبي لقد