الأيام المتأخرة كان يساق البروتستانت، وينتظم الموكب أحياناً دمى تمثل المحكوم عليهم غيابياً او- صناديق تحمل عاظم الذين حكم عليهم بعد الموت. وفي الباحة على مدرج مرتفع أو أكثر، يجلس قضاة محكمة التفتيش ورجال الدين من قساوسة ورهبان وموظفو المدينة والدولة، يرأسهم الملك بين حين وآخر. وتذاع عظة، يؤمر بعدها جميع الحضور بترديد يمين الطاعة لحكام محكمة التفتيش المقدس وعهد ينكر ويحارب الهرطقة بجميع أشكالها وفي كل مكان. ثم يساق المسجونون واحداً بعد واحد، أمام المحكمة، وتتلى عليهم الأحكام الخاصة بهم. ويجب علينا ألا نتخيل معارضة باسلة لذلك، وربما كان كل سجين في هذه المرحلة مشرفا على التلف الروحي والانهيار البدني. بل إنه قد ينقذ حياته في هذه اللحظة بالاعتراف. وفي تلك الحالة تقنع محكمة التفتيش بجلده ومصادرة أمواله وسجنه مدى الحياة، وإذا لم يعترف إلا بعد صدور الحكم عليه، فإنه يغنم الرحمة بشنقه قبل إحراقه، ولما كانت الاعترافات في اللحظة الأخيرة كثيرة، فقد أصبح إحراق الأحياء نادراً نسبياً، أما الذين يحكم عليهم بالهراطقة الكبيرة، وينكرون ذلك إلى النهاية، يحرمون (وظل ذلك مرعيا إلى عام ١٧٢٥) من الكنيسة المقدسة، ويتركون برغبة محكمة التفتيش للجحيم الأبدي. أما الذين تخفف أحكامهم فيعادون إلى السجن، والذين لم تقبل توبتهم فيدفع بهم إلى السلطة المدنية، مع تحفظ وردع بعدم إراقة دم. ويساقون إلى خارج المدينة وسط حشود تجمعت من مسافات بعيدة للفرجة على هذا المشهد من مشاهد العطلة. حتى إذا وصلوا إلى مكان التنفيذ شنق المعترفون ثم أحرقوا بينما يحرق المعاندون أحياء. وتظل النيران تغذى بالوقود حتى تصير العظام رماداً، ينتثر على الحقول والجدران. ثم يعود القساوسة والمشاهدون إلى مذابحهم ودورهم مقتنعين، بأن قرباناً قدم استعطافاً لإله غاضب من الهرطقة. وهكذا أعيد القربان البشري.