للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجيرالدا، البديعة. وظلوا يضعون حجراً طوال القرن الخامس عشر حتى أكملت إشبيلية تشييد أكبر بناء قوطي في العالم (١)، وقال عنها تيوفيل جوتييه: "إن كنيسة نوتردام في باريس قد تسير منتصبة القامة في صحنها. " ومع ذلك فإن نوتردام كاملة، وكتدرائية إشبيلية فسيحة. وعمل سبعة وستون نحاتاً وثمانية وثلاثون مصوراً من موريللو إلى جويا على تزيين هذا الكهف العظيم للآلهة.

واقترح المعماري جويللو موبو في حوالي عام ١٤١٠ على هيئة كنيسة جيرونا أن يزيل الأعمدة والعقود، التي تقسم داخلها إلى صحن ممرات، وأن يوحد الجدران بعقد واحد عرضه ثلاثة وسبعون قدما. ونفذ ذلك، وهكذا أصبح لصحن كتدرائية جيرونا أعرض عقد قوطي في العالم المسيحي. وكانت نصراً للهندسة وهزيمة للفن. وشيدت أضرحة لم تبلغ هذه الضخامة أبان القرن الخامس عشر في بربنيان ومانريزه واسترقة وبلد الوليد. وتوجت شقوبية عمارتها بتشييد كتدرائية على شكل حصن عام ١٤٧٢، وأتمت سجيونزا أروقتها المشهورة عام ١٥٠٧، وبدأت سلمنقة في إقامة مزارها الجديد عام ١٥٣١ وترتفع في كل مدينة كبيرة في أسبانيا، ما عدا مدريد، كتدرائية تبدو من الخارج بناية ضخمة في جلال رائع وداخلها يسترحم الشمس بظلامه الدامس ويروع النفس بالتقوى، ومع ذلك تبدو زاهية بالألوان الناصعة التي يتسم بها فن التصوير الأسباني، وبتماثيلها الملونة وبريق الجواهر والفضة والذهب. وهذه هي دور الروح الإسباني، الخاضع في خوف المتكبر في وحشية.

وعلى الرغم من هذا كله وجد الملوك والنبلاء كما وجدت المدن،


(١) على مساحة مقدارها ١٢٥ ألف قدم مربع، وكتدرائية القديس بطرس على مساحة تبلغ ٢٣٠ ألف، ومساحة مسجد قرطبة ٦٠٠ ألف.