على استقلالها وتنوعها وأن توحيداً قد استتب في مقابل أن يسيطر على أسبانيا جهاز يعمل على قمع الفكر الأصيل في أوليات الأشياء وأواخرها، وأن إجلاء اليهود والمسلمين الذين لم يتنصروا، قد أنقص من القوة البشرية المعاملة في التجارة والصناعة في نفس الوقت الذي تطلب اكتشاف العالم الجديد فيه التوسع والتقدم الاقتصاديين، وأن تورط أسبانيا المستمر في سياسات وحروب فرنسا وإيطاليا (ثم فلاندرز وألمانيا وإنجلترا) وضعت أثقالا لا تحتمل على كاهل موارد الأمة في المال والرجال، بدلا من تحويل السياسة ولمغامرة في عهد فرديناند وإيزابلا باصطلاحات لا يستطيع شعب أوربي في عصرهما فهمهما. فقد اضطهدت جميع الفرق الدينية، اللهم إلا قليلا من المسلمين ومنكري تعميد الأطفال، المخالفة في الدين، واستعملت جميع الحكومات، إيطاليا وفرنسا الكاثوليكيتان وألمانيا وإنجلترا البروتستانتيان، القوة في توحيد العقيدة الدينية، واستشعرت جميع الدول الظمأ إلى ذهب جزائر الهند-الشرقية والغربية- وكلها توسلت بالحرب والدهاء الدبلوماسي لتؤكد بقاءها وتوسع حدودها أو تزيد من ثروتها.
ولم تكن المسيحية عند جميع الأمم المسيحية حكما بالوسائل وإنما كانت وسائل إلى الحكم، وكان المسيح أثيراً عند الشعب وميكافلي أثيراً عند الملوك. وقد حضرت الدولة الإنسان من بعض الوجوه، ولكن من ذا الذي يحضر الدولة؟.