للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولما خلصت الأرض على مر الزمن من الكواسر، تحولت إلى حقول يزرع فيها الأرز والقطاني والذرة والخضر والفواكه؛ فلقد رضيت الكثرة الغالبة من السكان خلال الشطر الأعظم من تاريخ الهند بعيش متواضع قوامه هذه الأغذية الطبيعية، وكانوا يجففون اللحم والسمك والطيور لطائفتي المنبوذين والأغنياء (١)، ولكي يجعلوا طعامهم أشهى- أو ربما أرادوا معونة أفروديت (٤) - زرعوا وأكلوا مقداراً غير مألوف في سائر البلاد من التوابل، مثل البهار الهندي والزنجبيل والقرنفل والقرفة؛ ولقد صادفت هذه التوابل تقديراً عظيماً عند الأوربيين حتى لقد انطلقوا في البحار سعياً وراءها فوقعوا على نصف الكرة الأرضية الذي كان مجهولاً؛ مع أننا جميعاً نظن أن أمريكا قد كشفت لتكون للحب مسرحاً؛ كانت الأرض في العصور الفيدية ملكاً للشعب في الهند (٥) ومنذ أيام "تشاندرا جوبتا موريا" أصبح العرف بين المُلاَّك أن يطالبوا لأنفسهم بملكية الأرض كلها، ثم يؤجرونها للزراع مقابل أجر وضريبة يدفعان كل عام (٦) وكان الري في العادة من واجبات الحكومة، ولقد ظل أحد السدود التي شيدها "تشاندرا جوبتا" حتى سنة ١٥٠ م، ولا نزال نشاهد آثار القنوات القديمة في شتى أرجاء الهند، كما نشاهد آثار البحيرة التي احتفرها احتفاراً "راج سنج"- راجبوت رانا في موار- لتكون خزاناً لمياه الري (١٦٦١ م) وأحاطها بحائط من المرمر طوله اثنا عشر ميلاً (٧).

والظاهر أن قد كان الهنود أول شعب استنجم الذهب (٨) فيحدثنا هيرودوت (٩) والمجسطي (١٠) عن "النمل الكبير الذي يحفر الأرض طلباً للذهب، وهو أصغر قليلاً في حجمه من الكلاب، لكنه أكبر من الثعالب" وقد عاون هذا النمل عمال المناجم في إخراجهم للذهب، وذلك حين يخدش


(١) كانت فيجاياناجار شذوذاً في القاعدة، لأن أهلها كانوا يأكلون لحوم الطير والحيوان (ويحرمون منها الثيران والأبقار) كما يأكلون الضب والفئران والقطط.