للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فورتيسكو على أن الملك الإنجليزي لا يستطيع أن يصدر قوانين دون موافقة البرلمان وأن القضاة الإنجليز ملزمون بمقتضى قسمهم أن يحكموا وفقاً لقانون البلاد مهما كانت رغبة الملك ولكن إنجلترا ركعت بدورها أمام حكام مستبدين في عهد هنري السابع وهنري الثامن وإليزابث. وبين استبدادي البابوات وأندادهم من الملوك اعتصمت بعض النفوس المثالية بفكرة "الفانون الطبيعي" وهو يقوم على عدالة إلهية متغلغلة في الضمير الإنساني ومنصوص عليها في الأناجيل وهو قانون أعلى من أي قانون من صنع الإنسان. ولم تعبأ الدولة أو الكنيسة بهذا المفهوم وظل في المهاد معترفاً به ومتجاهلا في الوقت نفسه وإن ظل هذا المفهوم حياً واهياً. وقد تبنى في القرن الثامن عشر إعلان الاستقلال الأمريكي والإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان ولعب دوراً صغيراً في ثورة قوضت لبعض الوقت عروش الحكام المستبدين الذين حكموا العالم وحارب نيكولاس الكوزاوي استبداد البابوية ثم استسلم لها.

وفي خلال حياته المتقلبة أظهر أفضل وجه للمسيحية المنظمة بالنسبة لألمانيا التي لم تكن تطمئن إلى الكنيسة. وقد جمع في إهاب شخصيته القوية خير عناصر العصور الوسطى التي تلائم حياته وذلك باعتباره فيلسوفاً وإدارياً وعالماً باللاهوت وقانونياً. وقد ولد في كولس قرب تريير (١٤٠١) وجمع بين التضلع في القانون والتخصص في الدين في مدرسة "إخوان الحياة المشتركة في ديفنتر" وفي عام قضاه بهيدلبرج تأثر بمذهب أوكهام الاسمي وفي بادوا تأثر بمذهب الشك عن ابن رشد بعض الوقت وفي كولونيا تشرب التراث الأورثوذكسي لألبرتوس ماجنوس وتوما الأكويني. لقد كانت فيه كل العناصر التي تجعل منه أكمل مسيحي في عصره.

ولم يتخل قط عن نزعته الصوفية التي انتقلت إليه من مايستر أكهارت