للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل هذه الجهود في صور كثيرة رسمها لأرازموس إحداها في تورين وثانية في إنجلترا وثالثة في بازيل وأحسنها في اللوفر- وكلها روائع رسمها أعظم مصور للوجوه في الشمال، وهنا كان العلامة قد أصبح فيلسوفاً هادئاً متأملاً وإن كان سوداوياً إلى حد ما، وسلم في نفور لحياد الطبيعة المتواكل وفناء العبقرية. وكتب عام ١٥١٧ يقول: "يجب أن نتحمل ما يأتي به حظنا وقد هيأت عقلي لتقبل كل حدث". وهي فلسفة رواقية لم يحققها قط … وقال عن شاب طموح: "إنه يحب المجد ولكنه لا يعرف ما يكفله المجد من عناء". ومع ذلك فإن أرازموس مثل كثير من ذوي النفوس النبيلة، كان يواصل العمل ليلاً ونهاراً ليتغلب على هذا العبء.

وبدت أخطاءه واضحة للعيان، أما فضائله فكان لا يعملها إلا المخلصين من أصدقائه، وكان في وسعه أن يتسول بلا خجل، ولكن كان في وسعه أيضا أن يعطي، وكثيراً ما كانت تشيع في حرارة مدحه روح متمردة. وعندما وجه بفيفركورون Piefferkorn هجومه إلى رويخلين كتب أرازموس إلى أصدقائه من الكرادلة في روما، وساعد على الحصول على الحماية للعالم بآداب اللغة العبرية المتعب، وكان يفتقر إلى التواضع والاعتراف بالجميل، فقد كان هذا من الصعب على رجل يخطب وده البابوات والملوك.

وكان يضيق ذرعا بالنقد ويستاء منه. وكان أحيانا عليه بطريقة تعسفية في هذا العصر الشهير بالجدل، وشاطر في مناهضة السامية حتى مع علماء عصر النهضة، وكانت اهتماماته في أضيق الحدود كما كانت قوية، فقد أولع بالأدب عندما كان يلبس ثوب الفلسفة، وبالفلسفة عندما كانت تترك المنطق للحياة؛ ولكنه تجاهل تقريبا العلم والمسرح والموسيقى والفن. وسخر من معظم نظم الفلك التي كانت تختال على المسرح وسخرت معه النجوم. وليس في كل مراسلاته العديدة تقرير للألب أو لعمارة أكسفورد