للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكامبردج أو لتصوير رافائيل أو لنحت مايكل أنجيلو الذين كانوا يعملون ليوليوس الثاني عندما كان أرازموس بروما (١٥٠٩)، ثم إن الترتيل القوي في الأبرشيات المقومة آذى فيما بعد أسماعه المهذبة. وكانت حاسة الفهاكة عنده عادة تتسم بالدقة والرقة، وكانت رابيلية ولكنها في الغالب ساخرة، وانقلبت مرة إلى سخرية لا تتسم بالإنسانية كما حدث عندما كتب إلى صديق عندما سمع بأجرام بعض الهراطقة: "سأرثي لهم أقل إذا رفعوا ثمن الوقود ولا سيما أن الشتاء على الأبواب".

ولم تكن من صفاته الأثرة الطبيعية أو الأنانية التي يتسم بها كل الرجال، بل كان يتصف بذلك الغرور الخفي المحبب أو الإعجاب بالذات الذي لولا لأنسحق الكاتب أو الفنان في ألأندفاع القاسي للعالم يتسم بعدم الاكتراث.

وكان يحب الإطراء ويوافق عليه على الرغم ممن كانوا ينكرون عليه ذلك من آن لأخر. وكان لأحد أصدقائه: "أن خير النقاد يقولون أني أكتب أحسن من أي إنسان على ظهر الأرض". وكان هذا حقاً وأن كان باللاتينية فحسب، فقد كان يكتب بفرنسية رديئة ويحدث قليلا بالهولندية والإنجليزية، وكان "يتذوق العبرية بطرف اللسان فقط" وكان يعرف اليونانية معرفة ناقصة ولكنه كان يجيد تماماً اللغة اللاتينية، وكان يستخدمها باعتبارها لغة حية يمكن تطبيقها على معظم التفاهات والأشياء الحقيرة غير اللاتينية في عهده. وقد اغتفرت أجيال قرن مشغوفة بالكلاسيات معظم أخطاءه نظراً لما يمتاز به أسلوبه من إشراقة زاهية. وما تتسم به تقديراته للأشياء، بأقل من قيمتها، من سحر عجيب، وما تتصف به سخريته من تهكم لاذع. وتضارع رسائله خطابات سيشرون في البلاغة والدماثة وتفوقها حيوية وفطنة. وفضلا عن هذا فقد تفرد بلغة لاتينية خاصة به، ولم تكن تقليداً للغة سيشرون بل كانت كلاماً حياً قويا طيعا،