للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأسرة، أو رئيس القرية، أو شيوخ الطبقة، أو محكمة النقابة، أو مدير الإقليم أو زير الملك أو الملك نفسه (٥٥) على أن المحاكمة كانت سريعة الإجراء سريعة الحكم، ولم تعرف البلاد نظام المحاماة في القضايا على أيدي رجال القانون إلا بعد قدوم البريطانيين (٥٦) وكان التعذيب مألوفاً في عهود الأسرات الحاكمة كلها حتى ألغاه "فيروزشاه" (٥٧) والموت هو العقوبة في عدد كبير جداً من الجرائم، فقد كانوا يعاقبون به سرقة المنازل وإتلاف أملاك الملك خاصة، أو السرقة على النطاق الذي نراه اليوم يجعل من السارق عموداً من عمدان المجتمع؛ وكانت سائر ألوان العقاب قاسية تشمل بين أنواعها بتر الأيدي والأقدام والأنوف والآذان وفقء الأعين وصب الرصاص المصهور في الحلوق وتهشيم عظام الأيدي والأقدام بمطرقة خشبية وإحراق الجسم بالنار وإنفاذ المسامير في الكفوف والأقدام والصدور، وقطع أعصاب المفاصل ونشر الناس بمناشير الخشب ثم قطع جسومهم أجزاء وإنفاذ القضبان المسنونة فيهم وشويهم على النار أحياء وقذفهم تحت أقدام الفيلة لتدقهم دقاً حتى يموتوا أو رميهم فريسة للكلاب المتوحشة الجائعة (١).

ولم يكن هناك تشريع قانوني واحد يشتمل الهند بأسرها، فكان يحل محل القانون في شئون الحياة اليومية ما يسمونه "ذارماشاسترا" أي النصوص العرفية التي تفصل ما للطبقات من نظم وواجبات، والذي كتب هذه النصوص رجال من البراهمة، كتبوها من وجهة نظر برهمية خالصة؛ وأقدم هذه النصوص ما يسمى "بتشريع مانو"؛ ومانو هذا هو السلف الأسطوري الذي تسلسلت عنه جماعة المانوية (أو مدرستها الفكرية) المؤلفة من براهمة بالقرب من دلهي؛ وقد صورته هذه النصوص ابناً لله يتلقى القوانين من براهما نفسه (٥٩) وهذا التشريع مؤلف من ٢٦٨٥ بيتاً من الشعر، كانوا يرجعونه إلى سنة ١٢٠٠ ق. م، لكن الباحثين اليوم يردونه إلى القرون الأولى بعد ميلاد المسيح (٦٠)


(١) وتجد في كتاب ديبوا ص ٦٥٩ أنواعا من العقاب أدق من هذه في إظهار روح الشر.