الشراب. كان يتحرك في دوائر لا تستطيع أن تدركها بعقلها القاصر وكان يهملها من الناحية الاجتماعية، وكثيراً ما كان يسافر دون أن يصحبها معه، ولكنه عندما اصطحبها معه إلى الأراضي الواطئة، كان يتناول غذاءه مع الشخصيات المشهورة أو مع أحد ضيوفه ويترك زوجته تتناول طعامها في (المطبخ الأعلى) مع خادمتهما. وفي عام ١٥٠٤ انضمت إلى ديرر والدته الأرملة لتعيش معهما في البيت واستمرت معهما عشر سنوات. والصورة التي رسمها لها تثير عطفنا على الزوجة - ولم تكن جد فاتنة - ولقد رأى أصدقاؤه في أجنس امرأة سليطة اللسان، لا تستطيع أن تشارك ديرر حياته الفكرية المستغرقة.
وفي سنواته الأخيرة تمتع أستاذ نورمبرج بشهرة تعم قارة أوربا، باعتباره رائداً للفن الألماني ومفخرة له. وفي عام ١٥١٥ منحه الإمبراطور معاشاً متواضعاً قدره مائة فلورين في عام (٢,٥٠٠ دولار؟)، وكان يدفع له بصورة غير منتظمة، لأن دخل ماكسمليان كان لا يتفق أبداً مع خططه.
وعندما مات ماكسمليان توقف المعاش، فقرر ديرر أن يزور الأراضي الواطئة ويطلب تجديد معاشه من شارل الخامس. وأخذ معه مجموعة منوعة من الرسوم والصور الزيتية لبيعها أو يقايض عليها في هولندا أو في الفلاندرز. واستطاع بذلك أن يدفع كاف نفقات الرحلة تقريباً. وتكاد تبدو في اليوميات التي احتفظ بها عن جولته (يوليو ١٥٢٠ - يوليو ١٥٢١) وإن لم تكن تماماً - شخصية مثل التي كتبها بوزويل بعد قرنين آخرين، فهي تسجل نفقاته ومبيعاته ومشترياته وحفلات تكرينه، وتكشف عن عناية ابن الطبقة الوسطى بالتفاصيل المالية، وابتهاجاً لفنان بالاعتراف بعبقريته، وهو أمر يغتفر له. ولقد حصل ديرر على الحق في تجديد معاشه بعد مطاردة شارل في اثنتي عشرة مدينة، وهكذا استطاع أن يخصص باقي رحلته لمشاهدة مناظر الأراضي الواطئة وأبطالها. وأذهلته ثروة غنت وبروكسل وبروجز وروعتها،