للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخصاصة والعفة والطاعة، وفي مايو عام ١٥٠٧ رُسم قساً ومحضه زملاؤه الرهبان نصيحة ودية وأكد له أحدهم أن عذاب المسيح إنما هو تكفير عن طبيعة الإنسان الخاطئة وأنه فتح للتائب أبواب الجنة.

وما قرأه لوثر عن الصوفيين الألمان وبخاصة عن تاولر أعطاه أملاً في أن يجتاز الثغرة الرهيبة بين روح تنزع بطبيعتها إلى الخطيئة وبين إله مقسط قادر على كل شيء. ثم وقعت في يديه رسالة بقلم جون هس فساورته شكوك عقائدية زادت من اضطرابه الروحي. وتساءل قائلاً: "ترى لماذا أحرق رجل استطاع أن يكتب بمثل هذه الروح المسيحية وبهذه القوة؟ لقد أغلقت الكتاب وأشحت بوجهي وقلبي جريح" (١٣). وأولى جوهان فون شتاوبتز، وهو قسيس اقليمي من الرهبان الأوغسطينيين، الراهب القلق، اهتماماً أبوياً، وأمره أن يستبدل بالتقشف قراءة الكتاب المقدس وتعاليم القدّيس أوغسطين بكل عناية. وأعرب الرهبان عن جزعهم لم أصابه فأعطوه كتاباً مقدساً باللاتينية - وكان وقتذاك من المقتنيات النادرة - بالنسبة لأي فرد.

وفي أحد أيام عام ١٥٠٨ أو عام ١٥٠٩ استرعت انتباهه عبارة وردت في رسالة القدّيس بولس إلى الرومان (١: ١٧) "إن الحق يحيا بالإيمان" وقادته هذه الكلمات في بطئ إلى العقيدة التي تذهب إلى أن الإنسان يمكن أن يزكى - أي يرجع إلى الصواب وينجو من النار - لا بالأعمال الطيبة التي لا يمكن أن تكفي أبداً للتكفير عن معصيته لإله لا حد لقدرته، بل بالإيمان المطلق بالمسيح وبتكفيره عن خطايا البشر. ووجد لوثر في تعاليم أوغسطين فكرة أخرى لعلها جددت من مخاوفه - تلك هي القدر - أن الله قدر حتى قبل الخليقة أن تحظى بعض الأرواح بالخلاص وأن يزج بالباقي في جهنم، وأن الاختيار تم بمشيئة الله أن يكون الخلاص بالتضحية بالمسيح. ومن هذا المجال الصريح فر مرة أخرى إلى أمله الأساسي في الخلاص عن طريق الأيمان.

وحول عام ١٥٠٨ نقل إلى دير أوغسطين في فيتنبرج بناء على توصية من