للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شتاوبيتز، وعين في وظيفة معلم للمنطق والفيزياء، ثم عين أستاذاً للاهوت في الجامعة. وكانت فيتنبرج عاصمة الشمال - وقلما كانت محل إقامة - لفردريك الحكيم وقال أحد المعاصرين عنها: "مدينة فقيرة لا أهمية لها بيوتها خشبية صغيرة، قديمة قبيحة الشكل" ووصف لوثر السكان بقوله: "إنهم سكارى يفتقرون إلى التهذيب منغمسون في العربدة إلى حد يجاوز الاعتدال، وقد اشتهروا بأنهم أشد الناس إدماناً على الشراب في ساكسونيا التي كانت تعد أعظم مقاطعة في ألمانيا يغرم أهلها بالشراب". وقال لوثر إن الحضارة انتهت على بعد ميل من الشرق وبدأت الهمجية وظل هناك الجانب الأكبر من حياته إلى نهاية أيامه.

ولا بد أنه قد أصبح راهباً مثالياً وقتذاك لأنه أرسل في اكتوبر من عام ١٥١٠ مع زميل له من الرهبان، إلى روما في مهمة غامضة للرهبان الأوغسطينيين، وكان أول رد فعل عنده لدى مشاهدته المدينة رهبة مشوبة بالورع، فسجد ورفع يديه وهتف يقول: "سلاماً عليكِ يا روما المقدسة! " وقام بكل الشعائر شأنه شأن أي حاج، وانحنى في إجلال أمام مخلفات القديسين وصعد على السلم المقدس Scala Santa وهو يسير على ركبتيه، وزار عشرين كنيسة وظفر بكثير من صكوك الغفران، حتى انه تمنى أو كاد لو كان والداه ميتين حتى يستطيع أن ينقذهما من المطهر. وارتاد المنتدى الروماني ولكن كان من الواضح أنه لم يتأثر بفن عصر النهضة، وكان رافائيل ومايكل أنجيلو ومئات غيرهما قد بدءوا في تزيين العاصمة. وظل سنوات عديدة بعد القيام بهذه الرحلة دون أن يقوم بتعليق واضح جلي على تعلق رجال الدين الرومان بالدنيا، أو على الانحلال الخلقي الذي كان شائعاً وقتذاك في المدينة المقدسة. ومهما يكن من أمر فإنه بعد عشر سنوات رصف روما عام ١٥١٠ بأنها "تدعو للمقت" ولا يزال من هذا المزيد في ذكرياته التي تبتسم بالخيال المتوقد، والتي تخطر له أحياناً في أحاديثه حول مائدة الطعام في سن الشيخوخة،