واستمر ليو في محاولاته للتوفيق، فأصدر نشرة بابوية في التاسع من نوفمبر عام ١٥١٨ أنكر فيها كثيراً من المزاعم المتطرفة التي نسبت إلى صكوك الغفران، فهذه لا تمحو الآثام أو الذنوب ولكنها تعفي فحسب من العقوبات الدنيوية التي فرضتها الكنيسة - لا الحكام الزمنيون - أما بالنسبة لإطلاق سراح الأرواح من المطهر فإن سلطة البابا محدودة بصلواته التي يبتهل فيها إلى الله أن يمنح روح ميت البركة الزائدة للمسيح والقديسين. وفي الثامن والعشرين من نوفمبر قدم لوثر طلباً إلى مجلس عام يستأنف فيه حكم البابا. وفي ذلك الشهر نفسه عهد ليو إلى كارل فون ميلتيتز، وهو نبيل من الطبقات الصغرى في روما، بأن يأخذ "الوردة الذهبية" إلى فردريك وأن يقوم أيضاً بجهد سلمي للعودة بلوثر "إبن الشيطان" إلى حظيرة الطاعة (٢٩).
وعندما وصل ميلتيتز إلى ألمانيا دهش عندما وجد أن نصف أهالي البلد يجاهرون بالعداء للسدة الرومانية وأن من بين كل خمسة من أصدقائه في أوجسبورج ونورمبورج ثلاثة يؤيدون لوثر. وفي ساكسوني كان الشعور المناهض للبابوية قوياً إلى حد أنه تنصل من كل الدلائل التي تشير إلى أنه مبعوث بابوي. وعندما التقى بلوثر في ألتن بورج (٣ يناير سنة ١٥١٩) وجده صريحاً يؤثر أن يقرع الحجة بالحجة ولا يهاب أحداً. وربما كان لوثر في هذه المرحلة يتوق في اخلاصه إلى الحفاظ على وحدة العالم المسيحي الغربي. وقام بتنازلات كريمة: أن يلزم السكوت إذا التزم خصومه بذلك وأن يكتب رسالة يعلن فيها خضوعه للبابا وأن يقر علناً بصحة الصلوات للقديسين وبحقيقة المطهر وبفائدة صكوك الغفران في الإعفاء من العقوبات الكنسية وأن ينصح الناس بالولاء المسالم للكنيسة، وفي غضون ذلك يجب أن تعرض تفاصيل الخلاف على أسقف ألماني يقبله الطرفان (٣٠) للفصل فيها. فسر ميلتيتز كثيراً وانطلق إلى ليبتسيج واستدعى تيتزل وعنّفه على تطاوله واتهمه بالكذب وخيانة الأمانة وعزله فانزوى تيتزل في ديره ومات بعدها بقليل (١١ أغسطس سنة ١٥١٩) وتلقى، وهو على فراش الموت، خطاباً