للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مؤرخ إنجليزي: "يستحيل تصور المجتمع الهندي بغير نظام الطبقات" (١٠٠).

وإلى جانب "ذارما" الخاصة بكل طبقة على حدة؛ نرى الهندوسيين يعترفون "بذارما" عامة، أي التزامات تلتزم بها جميع الطبقات، وتتضمن قبل كل شئ احتراماً للبراهمة وتقديساً للبقر (١٠١)؛ ويأتي بعد ذلك في الأهمية واجب النسل، ففي تشريع "مانو" ما يلي (١٠٢): "النسل وحده يكمل الرجل، فهو يكمل إذا ما أصبح ثلاثة- شخصه وزوجه وابنه"؛ فليس الأبناء حسنة اقتصادية لآبائهم فحسب، يعولونهم في شيخوختهم بغير أدنى تردد في هذا الواجب؛ بل هم إلى جانب ذلك سيمضون في عبادة الأسرة لأسلافها، ويقدمون لأرواح هؤلاء الأسلاف طعاماً آناً بعد آن، حتى لا تفنى أرواحهم إذا امتنع عنها الطعام (١٠٣)، وبناء على ذلك لم يعرف الهنود ضبط النسل، وعد الإجهاض جريمة تساوي في فداحتها جريمة قتل برهمي (١٠٤)، نعم كان يحدث أحيانا أن تقضي الأمهات على الأجنة (١٠٥)، لكن ذلك كان نادر الوقوع، لأن الوالد كان يسره أن ينسل الأبناء، ويفخر إذا كان له منهم عدد كبير؛ وإن حنان الشيوخ على الصغار بين الهنود لمن أجمل ظواهر المدنية الهندية (١٠٦).

ولم يكد الطفل عندهم يشهد النور حتى كان يأخذ أبواه في التفكير في زواجه، لأن الزواج- في النظام الهندي- إجباري للجميع، والرجل الأعزب طريد الطبقات، ليس له في المجتمع مكانه ولا اعتبار، وكذلك بالنسبة للفتاة إن طال بها الأمد عذراء بغير زواج، فذلك عار أي عار (١٠٧) على أن الزواج لم يكن يترك لأهواء الفرد يختار من يشاء، أو لدفعة الحب تدفع العاشق إلى زواج من يهوى، بل كان الزواج عندهم أمراً حيوياً تهتم له الجماعة كلها والجنس كله، فيستحيل أن يوكل أمره إلى العاطفة بما لها من قصر بعواقب الأمور، أو إلى المصادفة تجمع من شاءت بمن شاءت (١٠٨) فلا بد أن يتولى الوالدان أمر زواج الوليد قبل أن تستولي عليه حمى الرغبة