الجنسية فتقذف به إلى زواج مصيره في نظر الهنود- إلى خيبة الرجاء واليأس المرير: ولقد أطلق "مانو" اسم "زواج الجانذارفا" على الزيجات التي تتم باتفاق الزوجين، ووصف أمثال هؤلاء وصفاً شائناً إذ وصفهم بأنهم وليدو الشهوة؛ نعم إن التشريع يبيح مثل هذا الزواج، لكن الزوجين عندئذ يوشكان ألا يجدا عند الناس شيئاً من الاحترام.
ولقد أدى النضوج المبكر بين الهنود، الذي يجعل البنت في سن الثانية عشرة مساوية لزميلتها في أمريكا في سن الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة، إلى خلق مشكلة عويصة في النظام الاجتماعي والخلقي (١) فهل الأفضل أن يدبر الزواج بحيث يطابق سن النضوج الجنسي، أم الأفضل أن يرجأ- كما في أمريكا- حتى يبلغ الرجل نضوجه الاقتصادي؟ والظاهر أن الحل الأول للمشكلة يؤدي إلى ضعف البنية في أبناء الأمة (١١٠) ويزيد من عدد السكان زيادة سريعة لا تتمشى مع مقتضيات الظروف، ويضحي بالمرأة تضحية تكاد تكون تامة في سبيل النسل؛ وأما الحل الثاني فيؤدي إلى مشكلة أخرى وهي التأخير الذي تأباه الطبيعة، وإلى كبح الرغبة الجنسية كبحاً يؤدي إلى حبوطها، كما يؤدي إلى الدعارة والأمراض السرية؛ ولقد آثر الهنود لأنفسهم زواج الأطفال على اعتبار أنه أهون الشرين، وحاولوا أن يخففوا من أخطاره بأن يجعلوا بين الزواج وبين إثماره فترة تبقى فيها العروس مع والديها حتى يتم نضجها (١١١)؛ هذا عندهم نظام اجتماعي قديم، ومن قدمه جاءت قداسته، وإنما نبتت جذوره بادئ ذي بدء في رغبة الناس في منع التزاوج بين الطبقات تزاوجاً قد تسببه مجرد الجاذبية الجنسية العابرة (١١٢) ثم ازداد في نفوس الناس
(١) يجب أن نضيف هنا أن غاندي ينكر أن يكون هذا التبكير في النضوج قائماًً على أساس جثماني، فهو يقول: "إني امقت وأكره زواج الأطفال، ويهتز كياني إن رأيت أرملة طفلة، ولست أرى أمعن في التخريف من خرافة تقول أن مناخ الهند يسبب التبكير في النضوج الجنسي؛ فالذي يسبب النضوج قبل أوانه هو الجو الفكري والخلقي الذي يحيط بالأسرة في حياتها".