يهرفون بأن لك سلطاناً على السماء والجحيم والمطهر … إن الذين يعلون قدرك فوق المجلس وفوق الكنيسة العالمية يخطئون. والذين ينسبون إليك الحق في تفسير الكتاب المقدس يخطئون لأنهم ينشدون تحت ستار اسمك أن يرسوا قواعد خبثهم في الكنيسة، ومما يؤسف له أن الشيطان من خلالهم قد أحرز نجاحاً تحت حكم أسلافك. والخلاصة لا تصدق أحداً يعلي من قدرك، وصدق هؤلاء الذين يضعون من شأنك (٥٥).
وأرسل لوثر مع هذا الخطاب ثالث بياناته وأطلق عليه اسم "عجالة في الحرية المسيحية"(نوفمبر عام ١٥٢٠) وشعر بأنه "ما لم أكن مخدوعاً فإنها الحياة المسيحية بأسرها في شكل موجز"(٥٦). وعبّر هنا باعتدال يخلو من الرقة عن مذهبه الأساسي - أن ذلك الإيمان وحده لا الأعمال الصالحة هي التي تخلق المسيحي الصادق وتخلصه من عذاب النار. لأن الإيمان بالمسيح هو الذي يجعل الإنسان صالحاً وأعماله الصالحة تترتب على ذلك الإيمان. "فالشجرة تحمل الثمار أما الثمرة فلا تحمل الشجرة"(٥٧). والإنسان القوي الإيمان بالله والذي يكفّر عن تضحية المسيح لا ينعم بحرية الإرادة فحسب ولكن ينعم بأعمق الحريات كلها: التحرر من نداء الجسد ومن كل القوى الشريرة ومن اللعنة الأبدية بل ومن القانون لأن الانسان الذي تتدفق فضيلته تلقائياً من إيمانه في غنى عن الأوامر بالاستقامة (٥٨). ومع ذلك فإن هذا الإنسان الحر يجب أن يكون خادماً لكل الناس لأنه لن يكون سعيداً إذا عجز عن عمل كل ما في وسعه لإنقاذ الآخرين كما ينقذ نفسه. إنه بالإيمان يرتبط بالله وبالحب مع جاره. وكل مسيحي مؤمن يُعَد قساً يقوم بالخدمات الدينية.
وبينما كان لوثر يكتب تلك الرسائل التاريخية كان إيك والياندر يواجهان الثورة الدينية مباشرة وأحرزا نجاحاً في إعلان نشرة الحرمان من غفران الكنيسة في مايسين ومرسيبورج وبراندينبورج، أما في نورمبورج فإنهما