جميعاً؟ ليس لك الحق في أن تدخل في المناقشة العقيدة الأرثودكسية المقدسة التي لقنها المسيح المشرّع الكامل والتي نشرها الرسل في أرجاء العالم، والتي ختمت بدماء الشهداء وأكدتها المجالس المقدسة وعرفتها الكنيسة … والتي يحرم علينا البابا والامبراطور مناقشتها خشية ألا ينتهي النقاش. إني أسألك يا مارتن. أجب بأمانة وصدق بغير مواربة - هل تنكر أو لا تنكر كتبك والأخطاء التي تحتويها؟ " (٧٥) فرد لوثر بجوابه التاريخي بالألمانية: مادام جلالتكم وسيادتكم تريدون جواباً بسيطاً فغني سأجيب بغير مواربة … ما لم تدينني آية في الكتاب المقدس أو الحجة الواضحة (وأنا لا أقبل سلطة البابوات والمجالس الدينية لأن كل منهم يناقض الآخر) فان ضميري أسير لكلمة الله. وأنا لا أستطيع أن أسحب شيئاً من أقوالي. ولن افعل هذا، لأن مخالفة ضميري ليس من الصواب والأمن في شيء. أسأل الله العظيم. آمين"(٧٦)(١).
فواجهه إيك بأنه لا يمكن إثبات أي خطأ في المراسيم العقائدية التي أصدرتها المجالس، فرد عليه لوثر بأنه على استعداد لإثبات مثل هذه الأخطاء، ولكن الإمبراطور اعترض قائلاً بلهجة قاطعة:"هذا يكفي. ما دام أنه أنكر المجالس فإننا لا نود سماع كلمة أخرى"(٧٨). وعاد لوثر إلى مسكنه وقد أنهكه الصراع ولكنه كان واثقاً من أنه قدّم شهادة طيبة فيما أسماه كارلايل "أعظم لحظة في التاريخ الحديث للإنسانية"(٧٩).
كان الإمبراطور لا يقل رجفة عن الراهب. ولما كانت تجري في عروقه الدماء الملكية ولأنه ألف السلطة فإنه اعتقد أن من الأمور التي لا تحتاج إلى برهان أن حق كل فرد في تفسير الكتاب المقدس وقبول المراسيم المدنية أو الدينية أو رفضها طبقاً لهواه الشخصي وما يمليه عليه ضميره سوف
(١) ليس في وسعنا أن نؤكد صحة الكلمات المشهورة التي حفرت على النصب التذكاري الفخم الذي أُقيم تخليداً للوثر في ورمس - "هنا أقف ولا أستطيع أن أفعل شيئاً آخر". ولم ترد الكلمات في النسخة المطابقة لرد لوثر كما هو مثبت في سجلات المجلس النيابي (الدايت) لأول مرة في أول رواية طبعت لخطابه (٧٧).