للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولعل هذا كان المقصود به تعزية وانعاش بعض الأرواح المرهفة الحس التي كانت تجزع كثيراً بسبب ما اقترفت من خطايا. واستطاع لوثر أن يتذكر كيف أنه قد غالى يوماً في جسامة ذنوبه ورأى أنها لا تغتفر ولكن الأمر بدا عند بعضهم يشبه كثيراً قول تيتزل المزعوم "أسقط قطعة نقدية في الصندوق تتبدد ذنوبك كلها" وكان الإيمان وقتذاك يفعل الأعاجيب التي زعموا من قبل أنها تتحقق بالاعتراف والتحلل من الذنوب والصدقة وصك الغفران. ومع ذلك فهناك فقرة تسترعي الانتباه: وجد لوثر الغيور الثائر كلمة طيبة يقولها عن الخطيئة ذاتها وقال عندما يغوينا الشيطان بإلحاح مزعج فقد يكون من الحكمة أن نستسلم لإغرائه ونقترف ذنباً أو اثنين.

"إسعَ يا مجتمع رفاقك الطروبين واشرب واقصف وانطلق بالفحش وسل نفسك فلابد للمرء أن يقترف أحياناً ذنباً كراهية واحتقاراً للشيطان حتى لا يعطيه الفرصة لكي يجعله يشعر بتأنيب الضمير على مجرد أشياء لا تستحق الذكر، فالمرء يضل إذا اشتد فزعه من أن يقترف ذنباً … أه! … بودي لو كان في استطاعتي أن أجد ذنباً عظيماً حقاً يقذف بالشيطان! " (١٣٤).

ولقد دعت هذه الأحكام العرضية المرحة إلى التأويل، وفسر بعض أتباع لوثر شخصيته بأنه يتسامح في الفجور والزنى والقتل واضطر أستاذ من أنصاره إلى نصح الوعاظ المؤثرين بأن يحرصوا على الاقلال ما أمكن من القول بأنه يمكن الحصول على البراءة من الذنب بالإيمان وحده (١٣٥).

ومهما يكن من أمر فإن لوثر كان لا يقصد بالإيمان التسليم العقلي بغرض فحسب ولكنه كان يقصد المكابدة الحيوية الشخصية لاعتقاد عملي، وكان على ثقة من أن الاعتقاد الكامل في أن عفو الله منح بسبب موت المسيح تكفيراً عن ذنوب البشر يجعل الإنسان أولاً وقبل كل شيء صالحاً إلى الحد الذي يجعل مجوناً عارضاً تشيع فيه شهوة الجسد لا يترتب