الزائفين والهراطقة … إلخ) يسيرون في ظلام دامس سادرين في الخطأ ولابد من أن يموتوا آخر الأمر ويضيعوا في آثامهم" (١٤٣). وهنا ولدت من جديد في فيتنبرج تعاليم يونيفاس الثمن ومجلس روما (١٣٠٢) التي تقول: "لا خلاص للإنسان خارج الكنيسة".
وأعظم مادة ثورية في لاهوت لوثر هي تجريد القسيس من منصبه وإباحته للقساوسة الحصول على راتب لا بصفته موزعين لا غنى عنهم للقربان المقدس ولا باعتبارهم وسطاء مختصين بين الله والناس ولكن بصفتهم خادمين اختارتهم كل أبرشية للوفاء بحاجاتها الروحية، ولسوف يبدد هؤلاء القساوسة، بزواجهم وتنشئتهم لأسرة هالة القداسة التي جعلت نظام القسوسة قوياً رهيباً، فهم سيكونون "أولاً بين أنداد" ولكن أي انسان في وسعه عند الحاجة أن يقوم بوظائفهم بل يحل تائباً من ذنبه. وعلى الرهبان أن يتخلوا عن عزلتهم الأنانية وحياة الدعة التي يعيشونها في الغالب وأن يتزوجوا ويكدحوا مع الآخرين، فالرجل الذي يجر المحراث والمرأة التي تشتغل في المطبخ يعبدان الله خيراً مما يفعل الراهب وهو يتمتم بصلوات غير مفهومة في تكرار يجلب النعاس. ولابد أن تكون الصلاة هي الصلة الروحية المباشرة بين العبد وربّه ولا تكون ابتهالات بقديسين شبه أسطوريين، ومن رأي لوثر أن عبادة القديسين لم تكن معايشة ودية موازية بين عزلة الحي وقداسة الموتى، كانت ردة إلى عبادة الأصنام البدائية المشركة (١٤٤).
أما القرابين المقدسة التي كان ينظر إليها على أنها حفلات يقيمها القساوسة للحصول على الغفران من الرب فأن لوثر هون من شأنها بقسوة فهي لا تنطوي على قوى معجزة وفاعليتها تتوقف لا على أشكالها وصيغها ولكن على إيمان مَن يتلقاها، وتثبيت العماد والزواج والرسالة الأسقفية للقساوسة والمسيح المغالى فيه للمحتضر ليست إلا طقوساً لم يرتبط بها أي وعد يعفو الله في الكتاب المقدس ويمكن للدين الجديد أن يستغني عنها. أما العماد فهناك بينة