وتنبأ لوثر بهذا التصدع فتنصل من الثورة قبل فوات الأوان (١٩ ديسمبر سنة ١٥٢٢) واستمر نجمه في صعود. وكتب الأرشيدوق فرديناند لأخيه الإمبراطور (١٥٢٢)"غن قضية لوثر تمتد جذورها عميقة في الإمبراطوريّة بأسرها إلى حد أنه ليس هناك شخص واحد من كل ألف في عصمة منها"(١). وكان الرهبان والقساوسة يقبلون زرافات إلى مذبح الزوجية الجديد. وترددت في كنيستي لورنز وزيبالدوس بنورمبرج "كلمة الله" - وهي العبارة التي أطلقها المصلحون على عقيدة تقوم على الكتاب المقدس فحسب. وأخذ الوعاض الإنجيليون ينتقلون بحرية في أرجاء شمالي ألمانيا ويستولون على منابر قديمة ويشيدون منابر جديدة، ولم ينددوا بالبابوات والأساقفة باعتبارهم "خدماً للشيطان" فحسب، ولكنهم نددوا أيضاً بالسادة الزمنيين باعتبارهم "مستبدين ظالمين"(٢). ومهما يكن من أمر فإن السادة الزمنيين كانوا هم أنفسهم ممن اهتدوا بهدى العقيدة الجديدة: فيليب الهسي وكازيمير البراندنبرجي وأولريخ الفيرتيمبرجي وأرنست اللينيبرجي وجو صاحب ساكسونيا. بل إن إيزابيلا شقيقة الإمبراطور كانت من أتباع لوثر.
وكان الأستاذ القديم لشارل قد أصبح الآن البابا أدريان السادس (١٥٢١) فأرسل إلى مجلس النواب في نورمبرج (١٥٢٢) طلباً بالقبض على لوثر واعترافاً صادقاً بالأخطاء التي تردت فيها الكنيسة: "إننا نعلم تمام العلم أن أموراً كثيرة تستحق المقت قد تجمعت حول منصب البابا منذ سنين عديدة. وقد أسيء استخدام الأشياء المقدسة واعتدي على القوانين حتى إنه في كل شيء كان هناك تغيير إلى الأسوأ، فلا عجب إذا كان المرض قد زحف من الرأس إلى الأعضاء، من البابوات إلى مَن يلونهم في المناصب. لقد حِدْنا نحن جميعاً، من البطارقة ورجال الدين، عن الطريق المستقيم، ومنذ عهد بعيد لم يعمل واحد منا عملاً صالحاً، لا أحد بتاتاً … ولذلك … فإننا سوف نبذل كل ما في طاقتنا من جهد لإصلاح المحكمة الرومانية قبل