ووجدت منستر نفسها على الفور في حالة حرب، يحاصرها الأسقف وجيشه المدعم، وفي حالة فزع من أن تتحد سريعاً كل قوى النظام والتقاليد في ألمانيا ضدها. ولكي يحمي المجلس الجديد نفسه ضد المعارضة الداخلية اصدر مرسوماً يقضي بأن يخير جميع المعارضين اللامعمدانيين بين قبول إعادة التعميد أو مغادرة المدينة. وكان هذا إجراءاً قاسياً لأنه كان يعني إكراه الشيوخ، والنساء الحاملات للأطفال، والأطفال الحفاة إلى الركوب أو السعي مشياً من المدينة إلى قلب الشتاء بألمانيا. وخلال هذا الحصار أعدم كلا الجانبين بلا رحمة أي شخص وجدوه يعمل لصالح العدو.
وألغى المجلس تحت وطأة الحرب وحل محله مجلس شعبي ولجنة تنفيذية للأمن، وكان يرأس كلاً منهما زعماء من رجال الدين. ولقي ماتيس حتفه وهو يقاتل في هجوم فاشل لفك الحصار (٥ أبريل سنة ١٥٣٤) ومن ثم تولى جون الليديني حكم المدينة باعتباره ملكاً لها.
وكانت الشيوعية التي أرست دعائمها وقتذاك تعني اقتصاد الحرب، ولعل هذا ما يجب أن تكون عليه كل شيوعية صارمة، ذلك لأن الناس ليسوا متساوين بفطرتهم، ولا يمكن إغراؤهم بمشاطرة الآخرين أمتعتهم وثرواتهم إلا عندما يستشعرون خطراً جوهرياً مشتركاً، وتتفاوت الحرية في الداخل بتفاوت الأمن في الخارج وتتحطم الشيوعية تحت وطأة السلام. وخشي المحاصرون أن يفقدوا حياتهم إذا لم تتحقق لهم الوحدة، واستهوتهم العقيدة الدينية والفصاحة التي لا مفر منها، فقبلوا حكومة دينية اشتراكية (٦٠)، وكان يراودهم أمل يائس بأنهم إنما يحققون القدس الجديدة، التي وردت في سفر الرؤيا. وأطلق على أعضاء لجنة الأمن العام اسم أكابر الأسباط الأثني عشر لإسرائيل، وأصبح جون الليديني ملك إسرائيل، ولعل جون أراد أن يُدخل في أذهان البسطاء معنى من معاني الوقار المفيد لمنصبه المقلقل فارتدى هو وأعوانه ملابس فخمة تركها لهم بعض السراة من المنفيين، واتهم