واستعاد الأسقف المدينة، وزاد سلطانه السابق، وأصبحت كل أعمال السلطات المدنية عرضة من الآن فصاعداً للاعتراض من الأسقف، واستعادت الكاثوليكية سلطانها المظفر، وخشي اللامعمدانيون في أرجاء الإمبراطوريّة على أرواحهم، فنبذوا كل عضو في طائفتهم يتهم باستخدام القوة، ومع ذلك أعدم الكثيرون من هؤلاء الهراطقة المسالمين. وأشار ميلانكتون ولوثر على فيليب الهسي بإعدام كل مَن انضموا إلى الطائفة (٦٨)، وشعر الزعماء المحافظون أن مثل هذا التهديد الخطير للنظام الاقتصادي والسياسي الذي توطدت أركانه يجب أن يعاقب بقسوة لا تعرف الغفران.
وتقبل اللامعمدانيون الدرس وأجلوا الشيوعية إلى العصر الألفي (عصر حكم المسيح ألف سنة) وأسلموا أنفسهم إلى ممارسة ما يتفق مع مبادئهم عن الحياة الرصينة البسيطة التقية المسالمة - التي لا تغضب الدولة.
وقام ميثو سيمونز، وهو قس كاثوليكي اعتنق مذهب اللامعمدانية (١٥٣١)، بإرشاد أتباعه من الهولنديين والألمان إرشاداً بارعاً جداً إلى حد أن "المينونيين" عاشوا على الرغم من كل ما تعرضوا له من محن، وكونوا كوميونات زراعية ناجحة في هولندة وروسيا وأمريكا. وليس هناك علاقة قرابة واضحة بين اللامعمدانيين في القارة الأوروبية وبين جماعة الكويكر الإنجليز والمعمدانيين (جماعة البابتست) الأمريكيين. إلا أن رفض جماعة الكويكر للحرب والإيمان، وإصرار جماعة المعمدانيين (البابتست) على التعميد عند البلوغ مستمدان من نفس تقاليد العقيدة الدينية والسلوك، التي اتخذت أشكالاً متعددة (٦٩) في سويسرة وألمانيا وهولندة. وتشترك هذه الجماعات تقريباً في صفة واحدة، وهي تصميمها على تقبل العقائد التي تخالف عقائدها في سلام. وأن علم اللاهوت الذي ساندها