ولم تعبأ بأفعاله جموع المصلين عنده، وظل البابوات يدفعون له حتى عام ١٥٢٠ معاشاً قدره خمسون فلورين، نظير تأييده لهم ضد الحزب المناصر للفرنسيين في جلاروس. واصطحب من عام ١٥١٣ إلى عام ١٥١٥ فرقة الجنود المرتزقة السويسرية في جلاروس إلى إيطاليا، بصفته واعظاً لها، وبذل أقصى ما في وسعه لكي يحمل الجنود على الحفاظ على ولائهم للقضية البابوية، إلا أن صلته بالحرب في المعارك التي دارت في نافارو ومارينيانو، جعلته يعارض بشدة أي تدبير لبيع شجاعة الجنود السويسريين للحكومات الأجنبية.
وفي عام ١٥١٦ فاز الحزب الفرنسي في جلاروس، وأصبحت له اليد الطولى فانتقل زونجلى إلى أبرشية في أنيزيدلن بمقاطعة شفيتز، وهنا اصطبغت عظته بصبغة بروتستانتية حتى قبل قيام ثورة لوثر، ونادى عام ١٥١٧ باعتناق دين يعتمد على الكتاب المقدس فحسب وأبلغ كبير الأساقفة الكاردينال ماتهويس شينر أن في الكتاب المقدس إجازة ضعيفة للبابوية، ولقد هاجم في أغسطس عام ١٥١٨ مساوئ بيع صكوك الغفران، وحرض رهبان البندكتيين على أن يرفعوا من المزار الذي أقاموه للعذراء، والذي يعود عليهم بالربح الوفير، نقشاً يعدون فيه الحجاج بـ "الغفران الكامل لجميع الخطايا التي اقترفوها واعفائهم من العقاب أيضاً"(٧). وعاد بعض الحجاج من زيورخ إلى قساوستهم برواية حماسية عن وعظه. وفي العاشر من ديسمبر عام ١٥١٨ قبل الدعوة لتنصيبه "قساً" أو "قسيساً للشعب" في جروسمنستر أو الكنيسة الكبرى في زيورخ أعظم المُدن السويسرية جرأة، وكان في ذلك الوقت يقترب من النضج في الروح المعنوية والتعقل. وقام بإلقاء سلسلة من العظات فسر فيها، من النص اليوناني، العهد الجديد بأسره ما عدا سفر الرؤيا، الذي لم يكن يحبه، وكان يطوي بين جوانبه شيئاً من الصوفية، التي أسهمت في تكوين لوثر. وليس لدينا صورة شخصية له،