للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لا تخفي شيئاً جعلته يصلح للدبلوماسية. وثمة صورة شخصية رسمها له فيما بعد كراناخ أيضاً (١٥٣٢) ظهر فيها لوثر في هيئة رجل منبسط الأسارير، له وجه مستدير عريض يجعل الناظر يحكم بأنه رجل يستمتع بالحياة. وتخلى عام ١٥٢٤ عن مسوح الراهب، واتخذ لباس واحد من عامة الناس، فكان يرتدي ثوب المدرس حيناً، ويلبس سترة وسراويل عادية حيناً آخر، ولم يتعفف عن رتق هذه الثياب بنفسه. وقد شكت زوجته مرة من أن هذا الرجل العظيم اقتطع رقعة من سراويل ولده، ليصلح بها من شأن سراويله.

ولقد انزلق إلى الزواج بطريق السهو، واتفق في الرأي مع القدّيس بولس بأنه خير للمرء أن يتزوج ولا يحرق، وصرح بأن الجنس أمر فطري وضروري كالطعام (٢)، واحتفظ بالفكرة السائدة في القرون الوسطى، والتي تذهب إلى أن الجماع أمر آثم، حتى في الزواج، ولكن "الله يستر الخطيئة" (٣)، وندد بالعذرة باعتبارها انتهاكاً لسنة الله التي تقضي بالتناسل والتكاثر وإذا "لم يستطع واعظ بالإنجيل أن يعيش محتفظاً بعفته دون أن يتزوج، فلنسمح له باتخاذ زوجة، لأن الله خلقها بلسماً لذلك الجرح" (٤). وكان يعد طريقة البشر في التناسل منافية للعقل بعض الشيء، على الأقل عند تأمل الماضي، ورأى أنه "لو استشارني الله في الأمر لأشرت عليه بأن يستمر في خلق جيل من البشر بتشكيلهم من الطين مباشرة كما خلق آدم" (٥). وكان مفهومه عن المرأة تقليدياً وألمانياً، فالله قد خلقها للحمل والطهي والصلاة لا لأي شيء آخر، وهو القائل "إنتزع النساء من تدبير شئون المنزل، تجدهن لا يصلحن لشيء" (٦). و "إذا أنهك الحمل النساء، ولقين حتفهن، فليس في هذا ضرر دعهن يلاقين حتفهن ما دمن يحملن، فقد خلقن لهذا" (٧). ويجب على المرأة أن تمنح زوجها الحب، وأن تحافظ على شرفه، ولا تعصي له أمراً، وعليه أن يحكمها، ولكن برفق، ويجب عليها أن تلزم