فرض واجب على الأمراء، ولكني أخشى أن يتآمروا مع الحبر الأعظم للحصول على قدر من الغنائم" (٨٦).
وعاش أرازموس الجانب الأكبر من حياته وقتذاك في لوفان، وأسهم في تأسيس Collegium Trilingue قي الجامعة، بكراسي أستاذية في اللاتينية واليونانية والعبرية، وفي عام ١٥١٩ منحه شارل الخامس معاشاً، فاشترط أرازموس لقبوله أن يحتفظ باستقلاله جسداً وعقلاً، ولكنه إذا كان بشراً، فإن هذا المعاش، مضافاً إليه ما كان يتلقاه من كبير أساقفة وارهام ولورد ماونتجوي، قد قام بدور ما في صياغة موقفه نحو الإصلاح الديني.
وفي الوقت الذي جاوزت فيه ثورة لوثر مرحلة نقد بيع صكوك الغفران إلى رفض الاعتراف بالبابوية والمجالس الدينية، تردد أرازموس، فقد كان يأمل أن تتقدم عجلة إصلاح الكنيسة بالالتجاء إلى الإرادة الواعية للبابا ذي النزعة الإنسانية. كان لا يزال يجل الكنيسة باعتبارها (خيل إليه هذا) مؤسسة للنظام الاجتماعي والأخلاق الفردية لا بديل عنها، وعلى الرغم من اعتقاده أن لاهوت المحافظين قضى عليه ما تخلله من لغو، فإنه كان لا يثق بحكمة الإفتاء الفردي أو الشعبي لتطوير شعيرة أو عقيدة أكثر نفعاً، ذلك أن رجاحة العقل لا تتأتى إلا عن طريق تقطر الاستنارة العقلية، من الفئة القليلة المتفقهة، إلى الكثرة الغالية. وأقر بأنه كان له دور في تمهيد الطريق أمام لوثر، فقد كانت رسالته "الثناء على الطيش"، التي كان يتداولها وقتذاك الآلاف من القراء في أرجاء أوروبا، تسخر من الرهبان والمشتغلين باللاهوت، وتشدد من لذع خطابات لوثر المقذعة الجافية، وعندما اتهمه الرهبان المشتغلون باللاهوت بأنه وضع البيضة التي فقست تحت لوثر، رد عليهم في تأفف: "نعم ولكن البيضة التي وضعتها خرجت منها دجاجة، أما البيضة التي فقسها لوثر فقد خرج منها ديك من ديوك