فهناك كان يعمل بياتوس رينانوس الذي نشر تاسيتوس وبلني الأصغر، واكتشف فيليوس بايتركولوس، وأشرف على طباعة العهد الجديد، الذي أعده أرازموس، وهناك كان طباعون وناشرون يعدون أيضاً من العلماء مثل هانز آمرباخ، وذلك القدّيس بين الناشرين الذي يدعى جوهان فروبن (يوس)، وهو الذي أضنى نفسه مكباً على مطابعه ونصصه و (قال عنه أرازموس)"ترك لأسرته من الشرف أكثر مما ترك لها من الثروة"(٩٥) هناك عاش ديرر أعواماً طوالاً، وهناك قام هولبين برسم صورة الشخصية التي تخلب الألباب لفروين وبونيفاسيوس آمرباخ - الذي جمع المقتنيات الفنية الموجودة الآن في متحف بازيل. وقبل سبع سنواةت، وفي زيارة سابقة، كان أرازموس قد وصف هذا المحيط في شيء من المبالغة التي تنطوي على الحب.
"يبدو لي أني أعيش في هيكل قدسي ساحر لربات الفنون، يظهر فيه حشد من الأشخاص المتعلمين كأمر محتوم. ليس هناك مَن يجهل اللاتينية، ولا أحد يجهل اليونانية، ومعظمهم يعرفون العبرية. هذا يفوق زملاءه في دراسة التاريخ، وذاك متضلع في اللاهوت، وأحدهم بارع في الرياضيات، وآخر دارس للآثار، وثالث ضليع في القانون. وليس من شك في أن الحظ لم يسعدني، حتى ذلك الوقت، في أن أعيش في مثل هذا المجتمع الكامل … أية صداقة خالصة ترفرف عليهم جميعاً وأي بشر وأي توافق"(٩٦).
وعاش أرازموس مع فروبن وعمل معه مستشاراً أدبياً، وكتب مقدمات وحرر جريدة "الآباء". ورسم هولبين صوراً شخصية مشهورة له في بازيل (١٥٢٣ - ١٥٢٤) ولا تزال إحداها هناك، وأرسلت أخرى إلى كبير أساقفة وارهام، وهي الآن من مقتنيات ايرل أف رادنور، والثالثة في متحف اللوفر، وهي من روائع هولبين. ويرى فيها جالساً إلى منضدة،