للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزيادة في عدد النساء يضع أمام المرأة اختياراً بين حالتين: فإما تعدد الزوجات للرجل الواحد، وإما عزوبة عقيمة ليس عنها محيص لبعض النساء، لكن مثل هذه العزوبة للمرأة لا تنظر إليها بعين الرضى شعوب تريد نسبة عالية من الولادة تقابل بها نسبة عالية في الوفاة، ولذا ترى أمثال تلك الشعوب تزدري المرأة العانس والمرأة العقيم، وثاني هذه الأسباب أن الرجال يميلون إلى التنوع، فالأمر كما عبر عنه زنوج أنجولا أنهم: "لم يكن في وسعهم أن يأكلوا دائماً طعاماً واحداً"، كذلك يحب الرجال أن تكون عشيراتهم في سن الشباب، والنساء يكتهلن بسرعة في المجتمعات البدائية، بل أن النساء أنفسهن كنَّ أحياناً يُحَبّذن تعدد الزوجات، حتى يباعِدنَ بين فترات الولادة دون أن يُنقِصنَ عند الرجل شهوته وحبه للنسل، وأحياناً ترى الزوجة الأولى، وقد أنهكها عبء العمل، تشجع زوجها على الزواج من امرأة ثانية حتى تقاسمها مشقة العمل، وتنسل للأسرة أطفالاً يزيدون من إنتاجها وثرائها، فالأبناء عند هؤلاء الناس كسب اقتصادي، والرجال بمثابة من ينتفع بالزوجة انتفاعه برأس المال، يستولدها الأبناء الذين يقابلون الربح في رأس المال؛ ففي الأسرة الأبوية، لا تكن الزوجة وأبناؤها إلا بمنزلة العبيد لرأس الأسرة وهو الرجل، وكلما ازداد الرجل زوجات ازداد مالاً؛ وقد كان الفقير يتزوج من زوجة واحدة، لكنه كان ينظر إلى ذلك نظرته إلى وصمة العار. وينتظر اليوم الذي يعلو فيه إلى المنزلة العالية التي ينزلها صاحب الزوجات الكثيرة في أعين الناس.

ولا شك أن تعدد الزوجات لاءم حاجة المجتمع البدائي في ذلك الصدد أتم ملاءمة، لأن النساء فيه يزدن عدداً على الرجال؛ وقد كان لتعدد الزوجات فضل في تحسين النسل أعظم من فضل الزواج من واحدة الذي نأخذ به اليوم، لأنه بينما ترى أقدر الرجال وأحكمهم في العصر الحديث هم الذين يتأخر بهم الزواج عن سواهم، وهم الذين لا ينسلون إلا أقل عدد من الأبناء، ترى العكس في ظل تعدد