الزوجات، الذي يتيح لأقدر الرجال أن يظفروا- على الأرجح- بخير النساء، وأن ينسلوا أكثر الأبناء؛ ولهذا استطاع تعدد الزوجات أن يطول بقاؤه بين الشعوب الفطرية كلها تقريباً، بل بين معظم جماعات الإنسان المتحضر، ولم يبدأ في الزوال في بلاد الشرق إلا في عصرنا الحاضر؛ لأنه قد تآمرت على زواله بعض العوامل؛ فحياة الزراعة المستقرة حَدَّت من عنف الحياة التي كان يحياها الرجال وقللت من أخطارها، فتقارب الجنسان عدداً؛ وفي هذه الحالة أصبح تعدد الزوجات المكشوف، حتى في الجماعات البدائية، ميزة تتمتع بها الأقلية الغنية وحدها أما سواد الناس فلا يجاوزون الزوجة الواحدة؛ ثم يخففون وطأة ذلك على نفوسهم بالزنا، بينما ترى أقلية أخرى آثرت العزوبة راضية أو كارهة، فعادلت بهذا الامتناع ما يستولي عليه الأغنياء من زوجات كثيرات، وكان عدد الجنسين كلما أقترب من التعادل زادت الغيرة في الرجل على زوجته، والحرص في الزوجة على زوجها؛ لأنه لما كان العدد قريباً من التساوي في الجنسين تعذر على أقوياء الرجال أن يعددوا زوجاتهم، لأنهم في مثل هذه الحالة لا يجدون كثرة من الزوجات إلا إذا اغتصبوا زوجات الآخرين أو من سيكنَّ زوجات للآخرين، وإلا إذا أساءوا) في بعض الحالات (إلى زوجاتهم، نقول إنه في مثل هذه الحالة يتعذر تعدد الزوجات بحيث لا يستطيعه إلا أوسع الرجال حيلة، هذا إلى أنه لما ازداد تراكم الثروة في أيدي بعض الرجال، وكره هؤلاء أن يبعثروا ثروتهم هذه في توريث عدد كبير من الأبناء لا يصيب الواحد منهم إلا قدر ضئيل، آثر هؤلاء أن يُفَرّقوا بين الزوجات "فزوجة رئيسية" ومحظيات، حتى لا يقتسم الإرثَ إلا أبناء الزوجة الرئيسية، ولبث الزواج على هذه الحالة في آسيا حتى عصرنا الذي عاصرناه بجيلنا، ثم أصبحت الزوجة الرئيسية بالتدريج هي الزوجة الواحدة، وأما المحظيات فقد تعرضنَ لإحدى حالتين، فإما بقينَ خليلات وراء الستار، وإما عُدِل عنهن إطلاقاً، وذلك فضلاً عن أثر المسيحية حين دخلت