الخطيئة تسره، والعذاب الأبدي يسعده، وهو الذي يقال إنه رؤوف رحيم، ومثل هذا المفهوم عن الله يبدو خبيثاً قاسياً لا يغتفر، من أجله ثار عدد من الرجال في جميع العصور، وأنا نفسي أسيء إلي مرة إساءة، أردتني في هوة اليأس، إلى حد أني تمنيت لو أني لم أخلق قط. ولا جدوى من محاولة الهروب من هذا بإيجاد فوارق بارعة، ومهما أحس العقل الفطري بما لحقه من إساءة فلا مفر من تسليمه بنتائج علم الله بكل شيء وقدرته على كل شيء … وإذا كان من الصعب الإيمان برحمة الله ورأفته، عندما يعذب مَن لا يستحقون العذاب، فإننا يجب أن نتذكر أن عدالة الله لا تكون إلهية إذا أحاط بها عقل الإنسان" (١٠١).
ومما امتاز به هذا العصر الرواج الذي حظيت به الرسالة التي عنوانها: "الإرادة المستعبدة" فقد بيع منها عدد كبير في سبع طبعات باللغة اللاتينية وطبعتين باللغة الوطنية، واشتد الإقبال عليها في خلال سنة واحدة. وأثبت ذلك أنها أعظم مصدر للاهوت البروتستانتي، وهكذا وجد كافن عقيدة الجبر والاختيار والرفض reprobation، التي نقلها إلى فرنسا وهولندة واسكوتلندة وإنجلترا وأمريكا. ورد أرازموس على لوثر في مقالين نشرا في كراستين دينيتين بعنوان Hyperaspistes ( المدافع) ١ و ٢ (١٥٢٦ - ١٥٢٧)، ولكن رأي العصر كان في جانب الرأي الذي انتهى إليه المصلح في المناظرة. واستمر أرازموس حتى في هذه المرحلة، يبذل جهوده في سبيل السلام. وأوصى كل مَن بعث إليهم برسائل بالتسامح واللطف في المعاملة … ولقد ظن أن الكنيسة عليها أن تسمح برجال الدين بالزواج وتناول القربان المقدس بالأسلوبين المعروفين، وأنها يجب أن تتنازل عن بعض أملاكها الواسعة للسلطات الزمنية، لكي تستخدمها في مرافقها، وأن أمثال المسائل الحاسمة كالجبر والاختيار وحضور المسيح بجسده في القربان المقدس، يجب أن تترك دون تحديد مفتوحة