وقال:"يجب أن يعلم الناس أن هذه ليست غلا رموزاً، ومن الخير ألا يكون هناك شيء منها على الاطلاق، وأن توجه الصلاة للمسيح وحده. ولكن ليكن رائدنا الاعتدال في جميع الأمور"(١٠٨). وهذا بالضبط موقف لوثر من الموضوع نفسه. ولكنه رأى أن التجريد الأهوج الغبي للكنائس من التماثيل رجعية همجية، تتسم بضيق الأفق. وغادر بازيل، وانتقل منها إلى فرايبورج - الواقعة على نهر برايسجاو، في أرض نمساوية كاثوليكية فاستقبلته سلطات المدينة بالترحيب والتكريم، ومنحته قصر ماكسمليان الأول الذي لم يتم، ليقيم فيه. وعندما لم يصله المرتب، الذي خصصه له الإمبراطور بانتظام أرسل إليه آل فوجر كل ما احتاج إليه من أموال، بيد أن رهبان فرايبورج وعلماء اللاهوت فيها هاجموه باعتباره من معتنقي مذهب الشك في الخفاء، والسبب الحقيقي لما حدث في ألمانيا من فتنة.
وعاد إلى بازيل عام ١٥٣٥ فخرج إليه وفد من أساتذة الجامعة مرحبين بعودته، وخصص له جيروم فروبن ابن جوهان غرفاً في منزله.
وكان وقتذاك قد بلغ التاسعة والستين، بوجه هزيل تغضن بفعل السنين وكان يعاني من القروح والإسهال وداء النقرس والحصوة ونزلات البرد المتكررة … لاحظ اليدين المتورمتين في رسم ديرر. وحبس نفسه، في سنواته الأخيرة، في حجراته، وكثيراً ما كان يلازم الفراش. وأضناه الألم، وفقد بسمته الجميلة المألوفة، التي كانت تحببه إلى أصدقائه، وأصبح دائم العبوس، وهو يكاد يسمع كل يوم عن هجمات جديدة يوجهها إليه البروتستانت والكثالكة. ومع ذلك فقد كانت ترد إليه يومياً تقريباً رسائل، تفيض بالإخلاص والاحترام، من ملوك أو بطاركة أو سياسيين أو علماء أو ماليين، وكان مسكنه كعبة يحج إليها الأدباء. وأصيب في السادس من يونية عام ١٥٣٦ بدوزنتاريا حادة، وعرف أنه سوف يموت وشيكاً، ولكنه لم يطلب قسيساً أو كاهناً يعترف له ومات (١٢ يونيه)،