فقد كان فرديناند مشغولاً في الشرق، وشارل منهمكاً في الغرب، وكان من الواضح أن اللامعمدانيين يدعمون ثورة شيوعية في منستر. واستولى المتطرفون في يورجن فولنفيفر على لوبيك (١٥٣٥)، وأصبح الأمراء الكاثوليك في ذلك الوقت في حاجة إلى عون لوثر، لمواجهة الثورة الداخلية، بقدر حاجتهم إليه في حربهم ضد العثمانيين، وفضلاً عن هذا فإن اسكنديناوة وإنجلترا تخلتا عن روما في هذا الوقت، وأخذت فرنسا الكاثوليكية تنشد التحالف مع ألمانيا اللوثرية ضد شارل الخامس.
وطرب الحلف الشمالكالدي بهذه القوة النامية. فطالب بحشد جيش قوامه ١٢. ٠٠٠ رجل، وعندما سأل البابا الجديد بول الثالث عن الشروط، التي يقبل بها الحلف مجلساً دينياً عاماً، أجاب بأنه لن يعترف إلا بمجلس ينعقد مستقلاً عن البابا، ويتألف من زعماء ألمانيا الزمنيين والدينيين على السواء، وأنه يرحب بالبروتستانت ليشتركوا فيه على قدم المساواة (١٩)، ولا يعتبره هراطقة. ورفض الحلف قبول مجلس العدالة الإمبراطوري، وأبلغ نائب رئيس وزراء الإمبراطور أنه لن يسلم بحق الكاثوليك في الاحتفاظ بأملاك الكنيسة، أو بحقهم في القيام بالعبادة وفق شعائرهم في أراضي الأمراء البروتستانت (٢٠). وجددت الولايات الكاثوليكية تكوين حلفها، وطالبت شارل بدعم السلطات المخولة لمجلس العدالة الإمبراطوري، فرد عليهم بكلمات رقيقة، ولكن خوفه من أن يطعنه فرانسيس الأول في ظهره جعله في حرج.
واستمر المد البروتستانتي يتعاظم، ويقول مؤرخ كاثوليكي: "في اليوم التاسع من سبتمبر عام ١٥٣٨ كتب إلياندر إلى البابا من مدينة لينز يقول إن الحالة الديني في ألمانيا منهارة تقريباً، وقد كادت تتوقف عبادة الله، ومناولة القربان، وكان الأمراء الزمنيون جميعاً، ما عدا فرديناند الأول، إما من أتباع لوثر المخلصين، أو ممن يمقتون نظام القساوسة مقتاً بالغاً، ويطمعون في أملاك الكنيسة. أما البطارقة، فكانوا يعيشون في بذخ