بها صنوه الكاثوليكي أجناتيوس لويولا. ويقول أحد الثقاة من الكاثوليك "أن القصص التي رويت في وقت ما عن شباب كالفن الطائش، لا تستند إلى أساس"(١) والأمر على نقيض ذلك تماماً، فكل الدلائل تشير إلى أنه كان طالباً مثابراً خجولاً معتصماً بالصمت تقياً و "رقيباً صارماً في نقد أخلاقيات زملائه"(٢)، ومع ذلك فإنه كان محبوباً من أصدقائه، الآن وفيما بعد، حباً خالصاً لا يتزعزع. وفي غمار السعي الحثيث للحصول على معرفة ما وراء الظاهر أو نظرية تفتن العقول، قرأ كثيراً في الليل، ولقد طور، حتى في تلك السنوات التي قضاها في طلب العلم، بعض الأوصاب الكثيرة التي انتابت حياته الناضجة، وساعدت على تكوين مزاجه.
وفي أواخر عام ١٥٢٨ جاءه على غير انتظار توجيه من أبيه بأن يذهب إلى أورليانز، ويدرس القانون، ويظن كما قال الابن "لأنه رأى أن علم القوانين قد أدر على الذين حصلوه الثراء العريض"(٣). وعكف كالفن في غبطة على الدراسة الجديدة، إذ خيل إليه أن القانون، وليس الفلسفة أو الأدب، هو أبرز نتاج فكري حققته البشرية، وأنه يصوغ نوازع الإنسان الفوضوية ويحولها إلى نظام وسلام.
ونقل إلى اللاهوت وعلم الأخلاق، منطق قوانين جستنيان ودقتها وصرامتها، وأطلق على خير مؤلفاته اسماً مماثلاً. واصبح، فوق أي شيء آخر، مشرعاً، وصار نوما وليكورجوس مدينة جنيف.
وبعد أن حصل على درجته في ليسانس أو بكالوريوس في القوانين، (١٥٣١)، عاد إلى باريس وعكف في نهم على دراسة الأدب الكلاسي، وأحس بالرغبة العارمة الشائعة ليرى لنفسه مؤلفاً مطبوعاً، فنشر (١٥٣٢) مقالاً باللاتينية عن De clementin لسينيكا، وبدأ اشد المشرعين الدينيين صرامة حياته العملية العامة بتحية للرحمة، وأرسل نسخة إلى أرازموس،