حياه فيها باعتباره "المعلم الثاني في عالم المجد"(بعد شيشرون) و "أول إشراقة للآداب". وخيل للناس أنه وقف حياته على الإنسانيات عندما وصلته بعض عظات لوثر وأثارته بما انطوت عليه من جرأة. وكانت الدوائر الناشطة في باريس تناقش الحركة الجديدة، وليس من شك في أنه دار حديث طويل حول الراهب المتهور، الذي أحرق منشور البابا، وتحدى قرار إمبراطور بتحريم التعامل معه، والحق أنه قد سقط في سبيل البروتستانتية شهداء في فرنسا. وكان بعض الرجال الذين يبحثون عن إصلاح الكنيسة من بين أصدقاء كالفن، وكان أحدهم وهو جيرار روسل أثيراً لدا شقيقة الملك مرجريت دي نافار. واختير صديق آخر، وهو نيكولاس كوب، ليشغل منصب مدير الجامعة، ولعل كالفن كان له ضلع في إعداد الخطاب الافتتاحي المشئوم، الذي ألقاه كوب "أول نوفمبر سنة ١٥٣٣). وقد بدأ الخطاب برجاء أرازمس لمسيحية مطهرة، واستطرد ليشرح نظرية لوثر في الخلاص عن طريق الإيمان والعفو، وانتهى بالتماس الإصغاء في تسامح للأفكار الدينية الجديدة. وأثار الخطاب حنقاً بالغاً، وانفجرت جامعة السوربون غضباً، وبدأ البرلمان في اتخاذ إجراءات ضد كوب بتهمة الهرطقة، ففر هارباً، وعرضت مكفأة قدرها ثلاثمائة كراون لمن يقبض عليه حياً أو ميتاً، ولكنه استطاع أن يصل إلى بازيل، وكانت وقتذاك تعتنق البروتستانتية.
وحذر الأصدقاء كالفن وأخبروه أن اسمه ادرج مع اسم روسل في قائمة المطلوبين للقبض عليهم، ويبدو أن مرجريت قد تشفعت له، فغادر باريس (يناير سنة ١٥٣٤) ووجد ملاذاً له في أنجوليم، ولعله بدأ هناك، بمكتبة لوي دي تييه الغنية بما تضم من كتب قيمة، في كتابة مؤلفه Institutes، وفي مايو جازف بالعودة إلى ثويون، وتنازل عن روايته، التي كانت تدر عليه دخلاً يعول به نفسه. وهناك قبض عليه وأطلق سراحه، ثم أعيد القبض عليه، ثم أطلق سراحه مرة أرى. وعاد سراً